حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا أَزْهَرُ بْنُ سِنَانٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ وَاسِعٍ قَالَ قَدِمْتُ مَكَّةَ فَلَقِيَنِي أَخِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَحَدَّثَنِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ دَخَلَ السُّوقَ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ حَسَنَةٍ وَمَحَا عَنْهُ أَلْفَ أَلْفِ سَيِّئَةٍ وَرَفَعَ لَهُ أَلْفَ أَلْفِ دَرَجَةٍ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ وَقَدْ رَوَاهُ عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ وَهُوَ قَهْرَمَانُ آلِ الزُّبَيْرِ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا الْحَدِيثَ نَحْوَهُ *قال شيخنا د . علي الصياح حفظه الله : نُبيِّن درجة حديث السوق : الحديث مشهور جدا -حقيقة-، وأحيانا تُطبع مطويات وتوزع بذكره، ولكن عند النقد الصحيح أقول: أن حديث السوق هذا -المشهور- ضعيف، بل أكثر من ذلك أن أئمة الحديث المتقدمين أجمعوا على ضعف هذا الحديث، فممّن ضعفه الإمام البخاري والفلَّاس والترمذي والنسائي وأبو حاتم والدارقطني فمن بقي من بعد هؤلاء؟!
حتى الإمام يعقوب بن شيبة السدوسي الإمام الكبير إمام العلل في زمانه قال: هو حديث ليس بصحيح الإسناد ولا له مخرج يرضاه أهل العلم. كأنه حكى اتفاق المحدثين على تضعيف هذا الحديث، طبعا هذا الكلام كلام يعقوب بن شيبة النفيس على هذا الحديث قاله في مختصر يعقوب بن شيبة الكاملي، مسند يعقوب فُقد ولكن هناك إمام اسمه الكاملي اختصر مسند يعقوب وهذا المختصر لم يطبع بعد وقد قمت ولله الحمد بعد العثور على هذه النسخة بتحقيق هذا الجزء كاملا وانتهيت منه لعله يطبع قريبا إن شاء الله ففيه كلام يعقوب على حديث السوق.
أنبه أن حديث السوق هذا يصلح مثالا على أمور منهجية يحسُن بطالب الحديث التفطن لها، من ذلك: في بيان الفرق بين منهج المتقدمين ومنهج المتأخرين في هذا الباب، فمن الفروق أو من الأشياء المنهجية التي نستفيدها تساهل بعض المعاصرين في التقوية بكثرة الطرق، فبعض المعاصرين ربما قوّى الحديث بشواهد ومتابعات، وتكون هذه الشواهد والمتابعات لا يُعتمد عليها في هذا الباب ومن ذلك حديث السوق؛ فجميع الشواهد والمتابعات في حديث السوق لا يصح أن يُعتدّ بها؛ فلا تقوى هذا الحديث، هذا أمر مهم جدا وهو الخلل المنهجي في تقوية الحديث، حكم الحديث عند المعاصرين التساهل في باب المتابعات والشواهد.
الأمر الثاني المتعلق بحديث السوق: عدم التفطن لعلل الأحاديث فبعض من قوى حديث السوق هذا لم يتفطن لعلة دقيقة نبه إليها الإمام يعقوب بن شيبة السدوسي؛ وهي أن طريق أبي خالد الأحمر عن المهاصر بن حبيب هناك علة وهي أن أبا خالد الأحمر لم يسمع من المهاصر بن حبيب، هذا الطريق هو الذي اعتمد عليه محقق كتاب فضل التهليل لابن البنّا قوّى هذا الحديث؛ يقول هذا الطريق قوي، ولكنه -وفقه الله وبارك فيه وفي جهوده- لم يتفطن لهذه العلة الدقيقة التي نبه عليها الإمام يعقوب بن شيبة السدوسي! فالتفطن لعلل الأحاديث عند الحكم مهم جدا بل أقول إنه لا يجوز أن يتولى الحكم على الأحاديث من لا يتقن علم علل الأحاديث. الأمر الآخر: جلالة كلام المتقدمين على الأحاديث ودقة نظرهم، فلو رجعنا إلى كلام المتقدمين في حديثهم عن حديث السوق هذا لرأيتَ من الدقة ومن التحرير ما تندهش منه ويطول عجبك! ومما أذكر هنا أن بعض المعاصرين له جزء في تضعيف حديث السوق، وعندي أن ضعف حديث السوق ونكارته من الوضوح بمكان فلا نطيل بالكلام عليه خاصة أن الأئمة متفقون على تضعيفه.