هل تخيلت نفسك ولو للحظة أن احد أبنائك من ذوى الاحتياجات الخاصة هل تخيل أباء وأمهات أطفالنا من ذوى الاحتياجات الخاصة ولو للحظة في الماضي أنهم سوف يصبحون يوما ما أباء أو أمهات لطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة
اعتقد لا . بل اعتقد أن هذا الخاطر لو جال ببال احدهم للحظة لحاول بشتى الوسائل إبعاد هذا الخاطر عن نفسه . إذن أنت لم تضع نفسك ولو للحظة مكان أم أو أب لطفل من ذوى الاحتياجات الخاصة ربما هذه هي نقطة البداية انك لم تكن تتخيل انك لم تتصور بل ربما لم يجول بخاطرك .تلك هي المشكلة التي قد تجعل من ولادة هذا الطفل بداية الطريق إلى المشكلات وربما بصيغة أدق عدم قدرتك على مواجهة هذه الحدث مما يخلق لك المشكلات فماذا فعل بك هذا الحدث . هل اثر على حياتك الأسرية
أكدت العديد من الأبحاث أن إنجاب طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة له انعكاسات كثيرة على الأسرة فمن اللحظة التي يعرف الأهل بإعاقة الطفل يبدأ مشوار جديد في حياتهم ويعايشون نقطة تحول تترافق مع مرورهم بعدة مراحل ولعل أهمها بل وأصعبها المرحلة الأولى حين يعلمون أن أبنهم أو أبنتهم يعاني من إعاقة ما ، فوقع الخبر الأول يترك بصمة في ذاكرة الأسرة لا تنسى وذلك إن مشاعر الفرح من الحمل والشوق وانتظار المولود بل وفى حالات مثل حالات التوحد الحياة السعيدة مع المولود خلال فترة زمنية معينة وفجأة وبدون سابق إنذار تتحول رأسا على عقب إلى مشاعر يصعب فى بعض الأحيان مواجهتها فتصاب الأسرة بحالة من الصدمة والذهول ويرافقها شعور بالفقدان والقلق والبلبلة والخوف الشديد من المستقبل .
ومن المؤكد إن هذه المرحلة من أصعب المراحل خاصة إن حياة الوالدين والأسرة بأكملها سوف تتبدل وتتغير فإنجاب طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة هو عبارة عن حدث له انعكاسات يومية على جميع أفراد الأسرة وليس صدمة يمر أثرها ويخفت عبر السنين والأيام خاصة إن هذه المواجهة هي حدث يومي متكرر سوف يعيشه الأهل بتفاصيله الدقيقة. وقد نلاحظ فى بعض الأحيان أن الوالدين وأفراد الأسرة يبدأ في الانتقال من مشاعر الصدمة إلى الإنكار والتشكيك وعدم الثقة بأقوال الاختصاصيين والأطباء ويبدأ الأهل بالبحث عن مختصين آخرين أملا منهم أنهم سوف يقومون بتشخيص الطفل بشكل عكسي. وتبدأ الكارثة فى حالات التوحد حيث يبدأ المتخصصين فى التشكيك فى تشخيص بعضهم البعض ونجد أن الاباء والأمهات تتقاذفهم الأمواج ما بين تشخيص وتشخيص لقد شاهدت ذلك بنفسي وأنا أرى الآباء والأمهات فى حالات صعبة كل يوم بأمل ورجاء بل أن أمانيهم وأحلامهم تتبدل يوميا فأجد بعض الأمهات عند ذهابي لتشخيص احد أبنائهم وفى نظرات أعينهم أمل ورجاء فى إعادة التشخيص مرة أخرى واستبداله والتمس لهم العذر يتمنون ان يكون هناك أخطاء فى عملية التشخيص بل أن اليأس يصل بالبعض إلى تمنى إعاقة أخرى معروفة بدلا من الإعاقة غير المعروفة .
وعند نهاية التشخيص والتأكد أن الطفل مصاب بالتوحد ينتقل الوالدين إلى حالة أخرى هي الحزن الشديد والأسى والألم خاصة عندما يدركون أن المتخصصين متفقين على تشخيص واحد وفي هذه المرحلة تسيطر مشاعر الغضب والاتهام والعجز والوحدة على الأهل. ويبدأ الأهل بعد ذلك بالبحث عن معلومات عن التوحد وما حقيقة هذا المرض والأسباب وأساليب العلاج وهنا تبدأ الحيرة مرة أخرى بين الحقيقة والسراب فى التوحد وبين أساليب العلاج العلمية وبين الأساليب الغير علمية بين أنواع العلاجات التي اعتمدت على دراسات وبحوث علمية مقننة وبين أنواع أخرى من العلاجات اعتمدت على دراسات وبحوث أيضاء ولكن غير مقننة وتهدف الى الدعاية الى أنواع معينة من العلاجات تهدف الى الربح المادي وابتزاز أولياء الأمور وقد تكون هذه المرحلة أفضل من المراحل السابقة فيبدأ الأهل في عملية تحول بسيط واهتمام بالعالم الخارجي وذلك بالبحث عن معلومات عن الإعاقة وخاصة إعاقة مجهولة مثل التوحد وعن بناء برامج للطفل تلائم احتياجاته.
وأخيرا قد يصل الأهل الى المرحلة الأخيرة التي يصلها فقط من خطا خطوات سليمة واستمر بالمواجهة دون يأس أو إحباط وبعد أن حصل على دعم من حوله فهي مرحلة التقبل وفيها يتم تقبل التشخيص للإعاقة وتقبل الشخص ذوي الاحتياجات الخاصة فتتحول العائلة لأكثر انسجاما وتكاتفا .
ومن الملاحظ ان هناك بعض العائلات لا تمر بكل هذه المراحل حتى النهاية وتبقى عالقة في أحداها فهنالك من يبقى لسنوات في حالة إنكار وعدم استيعاب على المستوى العقلي الشعوري لما يحدث فيبدأ بإنكار أن ابنه من ذوى الاحتياجات الخاصة وقد يكون هو بالفعل ونتيجة للصدمة والذهول غير مصدق لما يحدث وبالتالي هو ينكر ذلك على المستوى الشعوري وأحيانا آخرين مدركين أن الابن من ذوى الاحتياجات الخاصة ولكن يخجلون من الظهور به أمام الناس ويعتبرون انه شي مخجل لابد أن يخفونه عن الناس . وهناك بعض العائلات من تتعرض الى أزمة عنيفة بسبب إنكار الإعاقة أو صعوبة التكيف معها تؤدي بها أحيانا الى الطلاق وتفكك العائلة
وتشير العديد من البحوث والدراسات الى أن بعض العائلات يعايشون أزمة صعبة عند إنجاب طفل من ذوي ألاحتياجات الخاصة مما يخل بالتوازن العائلي الذي كان قائما حتى لحظة الإنجاب لهذا الطفل.
المؤسف في الأمر أن عدم القدرة على المواجهة لدى الوالدين تترافق مع اتهامات مشتركة في بعض الأحيان من قبل الاثنين ربما ليس اتهامات مباشرة ولكن تعبر عن هذه الاتهامات أحيانا نظرات العيون ولغة الجسد من خلال تعبيرات الوجه ولذلك فان التفكك الأسري عند البعض يتلازم مع ظهور هذا الطفل خاصة أنه في بعض الأحيان يرفض احد الأطراف تحمل المسئولية ويترك الطرف الثاني متحملا كامل المسؤولية عنه ولذلك يكون الحمل مضاعفا وغالبا ما يكون هذا الطرف في مجتمعنا هو الأم مما يزيد الضغط عليها والألم والغضب الذي قد ينعكس على صحتها النفسية وكذلك على أسلوب تعاملها مع طفلها وأطفالها الآخرين، وعلى أسلوب حياتها فهذه الأم كانت لديها العديد من الخطط المستقبلية لحياتها والتي سوف تضطر الى تغييرها في الغالب مما يزيد من الضغوط النفسية التى تودي بالبعض الى الوقوع فريسة للضغوط النفسية لذلك لابد من البداية وقبل كل شى من الأيمان بالله وبالقضاء والقدر وان الله عز وجل لابد أن له حكمة لا يعلمها إلا هو سبحانه وتعالى لعلها خير للأسرة وان هذا الملاك الصغير ربما كان هو مصدر السعادة المستقبلية لهذه الأسرة وان الخير سوف ياتى بقدوم هذا الطفل وان خير الآخرة اكبر وأعظم وياتى في المرحلة الثانية التكاتف من قبل العائلة أو على الأقل من قبل الزوجين لمواجهة هذا التغير حتى لا يتحمل احد الزوجين ما لا يستطيع تحمله فيزيد ذلك من صعوبة الموقف
ومع هذا كله من الخطأ أن ننكر وجود عائلات أخرى يكون الأمر فيها عكسيا فهي تتقبل الطفل بل وهذه الازمة توحد العائلة بعد أن كانوا متفرقين فيجدون هدفا مشتركا يعملون من أجله ويشعرون من خلاله بالمصير الواحد فنجدهم يتكاتفون لمواجهة هذه الأزمة التي تعرضت لها العائلة.وذلك بالتاكيد سوف يساعد ألطفل على مواصلة الحياةبشكل ملائم