التغذية والتوحد
د. ريما فايز تيّم
استشارية التغذية السريرية
مركز نيوتري واي لتغذية الأم و الطفل
يعرف التوحد بأنه حالة من حالات الإعاقة التي تعوق طريقة استيعاب المخ للمعلومات ومعالجتها. كما أنها حالة لها تطوراتها وتؤدي إلى مشاكل في اتصال الفرد بمن حوله، واضطرابات في اكتساب مهارات التعلم والسلوك الاجتماعي. وتظهر إعاقة التوحد بشكل واضح ونمطي خلال الثلاث سنوات الأولى من عمر الطفل، وتفوق نسبة إصابة الذكورأربع مرات نسبة إصابة الاناث، كما أن النسبة تزداد سنة بعد اخرى. ولا يوجد سبب معروف لهذا النوع من الإعاقة، لكن الأبحاث الحالية تربطه بوجود اصابة في المخيخ وهو مركز التحكم في الجسم فتحدث تأثيرات واعراض عدة من اهمها: التأخر في الكلام حتى سن 18 شهراً وعدم قدرة الطفل على الاستجابة لبعض التعليمات البسيطة مثل (توقف) أو (تعال هنا) وصعوبة التحكم في اللعبة أو الإمساك بها وكذلك عدم الرغبة في اللهو وتكرار الكلام في الحديث وتمركز الحديث عن النفس. ولا يوجد دواء يساعد في علاج مرضى التوحد، الا أن العلاج يجب أن يكون مكثف ورباعي الأبعاد: نفسي واجتماعي ودوائي وغذائي.
ويشير العلماء الى ان للتغذية دور في التخفيف من أعراض التوحد فقد أوضحت عدة دراسات أن بعض الأطفال المصابين بالتوحد يعانون من مشاكل سوء هضم وامتصاص الأطعمة نتيجة لالتهاب مزمن في الجهاز الهضمي وخلل في الأمعاء مما يؤدي الى نقص في العناصرالغذائية التي يحتاجها الطفل. وأهم هذه العناصر فيتامينات أ و ب1 و ب2 و ب3 و ب6، والسيلنيوم، والزنك، والماغنسيوم، لذلك يجب تناول الاغذية الغنية بهذه العناصر (مثل الكبدة واللحوم والخضراوات الورقية كالسبانخ والبقدونس) أو أخذ المكملات الغذائية المحتوية على هذه العناصر لتحسين مستواها داخل الجسم بسرعة. كما ان هناك دراسات أخرى أوصت بضرورة تناول كميات من الكالسيوم وكذلك فيتامين ج والذي يساعد على مزيد من التركيز ومعالجة الإحباط. وكذلك تناول الأطعمة الغنية بالاحماض الدهنية أوميغا-3 (كالسمك والمكسرات) أو مكملاتها الغذائية والتي قد تساعد في التخفيف من ظهور أعراض المرض. كما يجب تجنب تناول الاطعمة المحتوية على المواد الحافظة والمضافة. اضافة الى ذلك فان هناك العديد من الفرضيات (والتي لم تثبتها الدراسات بعد) تفترض أن تناول كلاً من الكازين والجلوتين مرتبط بظهور أعراض التوحد. إذ أن السبب في تورط هذين البروتينين يكمن في انهما لا يتحللان عند اطفال التوحد مما يؤدي الى تراكمهما في الجسم والتسبب في اتلاف الجهاز العصبي واضطراب السلوك ونمو غير سليم للمخ حيث لا يحصل المخ على بعض الاحماض الامينية اللازمة لنموه الطبيعي، لهذا يجب تجنب تلك الاغذية مدى الحياة. وهناك تأثيرات اخرى لهما مثل ضعف التنفس واضطراب ضربات القلب لهذا يحس الشخص المصاب بالتوحد بالدوار، كما انهما يؤثران سلبياً على مراكز الاحساس بالالم فتضعف تلك المراكز. وقد تتراكم هذه المواد بشكل كبير وتؤدي الى ما يسمى بالتسمم اوقد تتحول الى مركبات مخدرة يدمن الشخص عليها، لهذا قد يكون لدى البعض رغبة شديدة لتناول الاغذية المحتوية على هذه البروتينات. ويوجد الكازين في الحليب ومشتقاته ويوجد الجلوتين في بعض الحبوب مثل القمح والشوفان والشعير ومنتجاتها كالسميد والمعجنات والمعكرونة وطحين القمح والحلويات وجميع الأغذية المحتوية على القمح. لذلك يجب عدم تناول الاطعمة المحتوية على هذين البروتينين لتجنب تلف الجهاز الهضمي والعصبي شريطة أن يتم الامتناع عنهما بشكل تدريجي وتحت اشراف طبي. كما انه يجب مواصلة تطبيق البرنامج والامتناع عن تناول هذه البروتينات لفترة مناسبة لكي تعطي نتائج جيدة إذ أن العودة الى تناولها يؤدي الى نكسة صحية ونفسية للطفل يصعب علاجها فقد تكون الاعراض والسلوك اكثر شدة من ذي قبل.