تعد آلام العمود الفقري من أكثر الآلام التي يعانيها الناس في العالم، وقد أصبحت تمثل ثمانين في المائة من مجموع الآلام باختلاف أماكنها ومسبباتها. وفي كثير من الاحيان تكون الأسباب غير معروفة، وقد تختفي هذه الاعراض بعد يوم او يومين من الراحة أو بعد تناول أحد العقاقير المضادة للالتهاب والمخففة للألم. وأحيانا تستمر الأعراض بدون استجابة بل قد يتطور الألم مسببا تنميلا وضعفا واوجاعا في الأطراف الأربعة أو في بعضها، حسب مستوى الاصابة وموقعها من العمود الفقري. وتمثل آلام أسفل الظهر ثلث حالات آلام الظهر، ويعود معظمها إلى الإجهاد العضلي، التمزق العضلي، خشونة الفقرات والتهاب غضاريفها، أو الانزلاق الغضروفي. وأكثر الأسباب شيوعا الضغط على الأعصاب، ويكون في الغالب سببه انزلاق غضروفي (حيث يفصل بين كل فقرتين في العمود الفقري غضروف ليفي يساعد على مرونة الحركة). ويتم تحديد السبب والتأكد من التشخيص بواسطة الإنصات الجيد لشكوى المريض ووصفه الدقيق للأعراض التي يعانيها ثم بالفحص السريري ومن ثم عمل التحاليل المخبرية والأشعة العادية والمغناطيسية أن الإنزلاقات الغضروفية وتآكل الغضاريف بين الفقرات تعتبر من الأمراض الشائعة، والتي انتشرت كثيرا في وقتنا الحاضر. أن أكثر الأعمار عرضة لهذه المشاكل، بصفة عامة، هي الثلاثينات وما بعدها وتزداد بالطبع مع تقدم العمر. و تكون بداية ظهور الأعراض عادة بشكوى المريض من ألم في أحد الطرفين العلويين أو السفليين مصحوباً أحيانا بالتنميل أو الضعف ويتوقف مكان الألم تبعا لموقع الغضروف المصاب في الرقبة أو أسفل الظهر. وتقل حدة الألم وتزداد تبعا لعوامل كثيرة منها الحركة أو بذل أي جهد. إن العلاج يبدأ عادة بالراحة وإعطاء المسكنات وأيضا الاستعانة بجلسات العلاج الطبيعي، وهذا ما يُطلق عليه العلاج التحفظي. وفي حالة عدم جدواه، يتم عرض المريض على جراح الأعصاب لتقييم مدى الحاجة للتدخل الجراحي.وحتى وقت قريب كان العلاج الجراحي مقتصرا على تفتيت القرص الفقري المنفتق لإزالة الضغط عن الجذور العصبية وإزالة الجزء من الغضروف الذي تسبب في ذلك الضغط، وينتهي مثل هذا العمل الجراحي بفقدان جزء كبير من الحركة في العمود الفقري في منطقة الإصابة.* غضروف بديلو مع التطور التقني الحديث أصبح الخيار متاحا للجراحين لاستخدام العلاج عن طريق وضع غضروف بديل (Artificial Cervical Disc). ومن الأهمية بمكان أن الغضروف البديل جرى تعديله لكي يؤدي نفس وظيفة الغضروف الطبيعي. وبالتالي يسمح للمريض بالحركة الطبيعية للعمود الفقري مثل الالتفات وثني الجذع وغيرهما من حركات الرقبة.الجدير بالذكر أن الأعراض التي يشكو منها المريض وهي الألم أو التنميل سوف تتحسن تلقائيا بعد هذه الجراحة. وتجرى في الولايات المتحدة سنويا حوالي 200 ألف عملية لتثبيت الفقرات العنقية، وهي تعتبر العلاج الجراحي الأكثر شيوعا واستخداما لحالات مرض تآكل الفقرات العنقية، ويتم فيها وضع رقعة عظمية في الفراغ بين الفقرات وزراعة صفيحة معدنية لتثبيت الفقرات بهدف إزالة الألم فقط.أما الطريقة المستحدثة وهي الغضروف البديل، والتي تناقش حاليا من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA، فتوفر للمريض حرية الحركة الطبيعية للفقرات العنقية. ويتكون الغضروف الصناعي من تصميم يشبه الكرة والمقبس (قاعدة مجوفة) قامت بتصنيعه عدد من الشركات المشهورة في تصنيع الأجهزة والآلات الطبية، ومنها ما هو مصنوع من عنصري التيتانيوم والبولي إثيلين ومنها ما تمت صناعته من مادة السيراميك.وقد اثبتت العمليات بطريقة الغضروف البديل، تفوقها في الدراسات التي أجريت عليها لتقييمها من حيث السلامة، مقدرتها على إزالة الألم، المدى الحركي، وارتفاع القرص الفقري.د. ياسر متولىمنقول