عقوق الأبوين دناءة في العرف وكبيرة في نظر الدين

عقوق الأبوين دناءة في العرف وكبيرة في نظر الدين

كتبت ــ رشا شبيب

وتابع فضيلته: من الواجب ان يوفر الابناء جميع احتياجات كبار السن اذا لم يكن عنده مورد ثابت يكفيه لأن ذلك من حق الابوين على الابناء وهو من الاحسان بالوالدين ومن البر الذي أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم به ومن هنا اوجبت الشريعة نفقة الوالدين المحتاجين على ابنائهما كما ينفق على زوجته وأولاده ونفسه ولهذا السبب اتفق الفقهاء على ان الأب لا يأخذ من زكاة ابنه عند حاجته لأن نفقته واجبة عليه كما تجب عليه نفقة زوجته وأولاده فهو حين يعطيه الزكاة كإنما يعطيه لنفسه وعن اجازة ان يأخذ الأب من مال ابنه في السُنة النبوية ذكر فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي انها اجازت ذلك طالما كان الأب محتاجا لمال ولده فله ان يأخذ منه كفايته.

واجب المجتمع في الرعاية المادية

وعن واجب المجتمع في الرعاية المادية اشار فضيلة الشيخ د.القرضاوي إلى انه اذا لم يكن الابن ولا أحد من ورثته قادرا على النفقة عليه فإن نفقته واجبة على المجتمع من حوله فإن أهل الحي أو أهل القرية أو العرصة متكافلون يحمل قويهم ضعيفهم ويساعد غنيهم فقيرهم حتى لا تبرأ منهم ذمة الله وذمة رسوله وفي الحديث الشريف «ليس المؤمن الذي يشبع وجاره جائع الى جنبه».

وأضاف فضيلته: اذا لم يكن في المجتمع سعة لمثل ذلك فالواجب على الدولة ان تهيئ لهذا الشيخ وأمثاله من ذوي الحاجات ما يكفيه بالمعروف ويغنيه عن السؤال حيث قال صلى الله عليه وسلم «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته» فالامام راع وهو مسؤول عن رعيته وقال «انا أولى بكل مسلم من نفسه من ترك مالا فلورثته ومن ترك دينا أو ضياعا فإلي وعليّ فالضياع: الضائعون لفقرهم وعدم وجود ما يكفيهم ولعجزهم عن السعي على انفسهم نتيجة الصغر كالأطفال أو الكبار كالشيوخ والمسنين وهذا ليس للمسلمين وحسب بل هو لكل من يعيش في ظل المجتمع الاسلامي مسلما كان أو غير مسلم.

توقير كبار السن

بين فضيلة الشيخ د.يوسف القرضاوي في الكتيب الذي أصدرته المؤسسة القطرية لرعاية المسنين ان جميع القيم الاسلامية التي نوهت بها السنة النبوية وكثرت فيها الأحاديث الشريفة توقير الكبير وإجلاله والعرفان بحقه وشرفه فالرحمة بالصغير والرفق به ايضا ومنها حديث عبدالله بن عمرو «ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا».

ولفت الى أن اول ما يتبادر الى الذهن في معنى الكبير أنه الكبير في السن وان كان يشمل ايضا الكبير في المقام والقدر حيث يعطي كبر السن للإنسان قدرا وشرفا على اعتبر ما اكتسبه من تجربة السنين حيث توارث العرب والاكراد والاتراك وغيرهم من الامم من احترام الشيوخ وإجلالهم بمقتضى الفطرة البشرية وفق ما أكدته تعاليم الدين الإسلامي الحنيف حتى قال بعض الناس «الشيخ في قومه كالنبي في أمته».

وأضاف فضيلته: ومن توقير الكبير التوسعة له في المجلس والقيام له ليجلس مكانه وايثاره بموقعه في الصف او بتقديمه على غيره مراعاة لضعفه ولا سيما إذا كان هذا الشيخ من اهل الخير والصلاح كما جاء في الحديث ان رجلا قال يا رسول الله اي الناس خير؟ قال من طال عمره وحسن عمله.. قال: فأي الناس شر؟ قال من طال عمره وساء عمله.

أحكام الشيخوخة

ومن احكام الشيخوخة التي جاء بها الإسلام قال د. القرضاوي انه نهى عن قتل الشيوخ في الحرب كما نهى عن قتل النساء والاطفال لأنهم لا يشاركون في الحرب وقد انكر النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه حين وجد امرأة مقتولة في إحدى الغزوات فقال: ما كانت هذه لتقاتل فلو كان الشيخ يقاتل او كان يشارك في الحرب برأيه وتدبيره جاز قتله. فإن الرأي في الحرب قد يكون أشد من السيف والرمح وتابع فضيلته: من أحكام الشيخوخة ان الشيوخ يعفون من الهجرة من البلاد التي يضطهدون فيها ماداموا لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا شأنهم شأن جميع المستضعفين فنجد القرآن الكريم يحث الأمة على القتال وشن الحرب لإنقاذ المستضعفين من الظلم وفي مقدمتهم الشيوخ وقد نوه النبي صلى الله عليه وسلم بمن شاب في الإسلام بمعنى أنه انفق شبابه وكهولته في الاسلام او في سبيل الله حتى أدركه الشيب.

شرعية خضاب الشيب

قال فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي ان النبي صلى الله عليه وسلم شرع لأهل الشيب ان يغيروا شيبهم بالخضاب وخصوصا بغير السواد ولفت الى أن إذا كان للشيوخ على مجتمعهم حقوق مؤكدة فلهم على أسرهم حقوق أوثق وأوكد وخاصة حقوق الآباء والأمهات على الأولاد فقد أوصى الاسلام وبالغ في الوصية بالوالدين واعتبر ذلك من اصول الفضائل التي اشتركت فيها كل الأديان واتفق عليها اهل الرسالات الإلهية حتى اعتبر القرآن حق الوالدين بعد حق الله تعالى مباشرة وهو يذكر الاحسان بالوالدين عقب الامر بالتوحيد كما في قوله تعالى «واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا»، حيث أكد القرآن الكريم حق الوالدين اذا بلغا الكبر ووصلا الى الشيخوخة وهنا شدد في الوصية وأبلغ في التحذير «إما يبلغن عندك الكبر احدهما او كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما».

وتابع فضيلة الشيخ د. يوسف القرضاوي حديثه عن حقوق المسنين في الشريعة الاسلامية قائلا: من روائع ما جاء به الاسلام انه امر ببر الوالدين وحرص عليه وزجر عن العقوق والجفاء ولو كان الوالدان مشركين بل لو كانا مصرين على الشرك مستميتين في فتنة ولدهما عن الاسلام بكل ما يستطيعان من قوة وحيلة وتأثير حتى عبر القرآن عن هذه المحاولة بالجهاد على الشرك حيث نهى عن طاعتهما في قبول الشرك وأمر بمصاحبتهما بالمعروف وهذه قمة في أدب النبوة مع الأبوة والأمومة وان اختلف الدين ولهذا تميز مجتمعنا المسلم عن مجتمع الحضارة الغربية المعاصرة بهذا البر الفريد للآباء والأمهات على خلاف المجتمع الغربي الحديث الذي لا يكاد يرى فيه الابن والبنت ابويهما بعد البلوغ الا بالمصادفة وقد تمر سنوات ولا يرى بعضهم الآخر وقد يعيش بعضهم في حالة الكبر في بيته ولا يزوره احد ولا يسأل عنه احد ولا يهتم به احد لذا كانت الشيخوخة موحشة وان توافر لصاحبها الحاجات المادية ولهذا حرص الناس هناك على اقتناء الكلاب لتعوضهم عن ابنائهم وبناتهم الذين لم يعودوا يرونهم او يسمعون صوتهم.

وذكر فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي انه حدثه شخص في اميركا عن امرأة ماتت في شقتها ولم يعلم احد بموتها الا أن جيرانها شموا رائحة كريهة تنبعث من الداخل فأبلغوا الشرطة حيث قاموا بالدخول الى المنزل ليجدوا المرأة ماتت منذ عدة ايام ولا احد يعلم بذلك ثم توصلوا الى ممرضة ان لها ابناء وبنات واحفادا في مناصب جيدة ولكنها لم تر منهم احدا ولعلها احتاجت الى شربة ماء فلم تجد من يقدمها لها او انها احتاجت الى اسعاف فلم تجد من يسعفها.

وتابع: ربما كان بعض الناس احسن حظا من هذه العجوز فانتقل الى دار العجزة والمسنين ليقضي ايامه الاخيرة فيها مع مثله ولكن عاطفة الامومة والابوة لا يشبعها الطعام والشراب اللذان يجدهما المسن في تلك الدار، فإن الشوق الى فلذات الاكباد من الاولاد والاحفاد لا يطفئه شيء إلا للقاء والأنس، والابتهاج المشترك بالحياة. كما ان من حق الاطفال والاجيال الناشئة، ان يعايشوا اجدادهم ويأنسوا بهم، ويستمعوا لحكايتهم ويستفيدوا من تجاربهم وألا تنقطع الصلة بين الجيلين ولهذا سمى القرآن الجد أبا، كما في قول يوسف عليه السلام «واتبعت ملة آبائي إبراهيم واسحاق ويعقوب» (يوسف 38) وإبراهيم وإسحاق جدان.

والناس يقولون في امثالهم السائرة: اعز من الولد ولد الولد. فكيف نحرم الجد والجدة من السعادة والتمتع بما يعتبرونه أعز من الأولاد: وهم من ذرية الإنسان التي تقر عينه بها، والتي يدعو الله لها بالسعادة والتوفيق كما دعا ابراهيم لذريته حين قال «رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل الدعاء» (إبراهيم 40).

ودعا بها عباد الرحمن «ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما» (الفرقان 74).

وأنا أرجو من أبنائنا وبناتنا في مجتمعاتنا الاسلامية: أن يظلوا متمسكين بقيمهم الأًصيلة، وبترابط الاسرة الوثيق وتوادها العميق.

ولفت فضيلته الى ان الاسرة بمعناها الاسلامي الاسرة الموسعة والممتدة لتشمل الآباء والأمهات والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات وأولادهم.

تحذير الإسلام من العقوق

قال فضيلة الشيخ د.يوسف القرضاوي ان العقوق من أسوأ الرذائل التي يصاب بها الافراد وتبتلى بها المجتمعات لأن حق الابوين على الانسان حق معروف بالفطرة مؤكد بالشرع فالطفولة البشرية اطول انواع الطفولة ويقاسي فيها الأبوان الكثير حتى يكبر الولد ويستقل بنفسه فالأم تعاني اكثر من الأب لأنها هي التي تحمله كرها وتضعه كرها وترضعه وتربيه ولهذا قال بعض علماء الاسلام ان للأم ثلثي البر وللأب الثلث وقال آخرون بل لها ثلاثة ارباع البر وللأب الربع وقد اعتبر رسول الاسلام العقوق من اكبر كبائر الذنوب والخطايا وأعلن ان العاق لا يدخل الجنة ولا يجد ريحها.

وختم فضيلته مؤكدا ان العقوق للأبوين دناءة في عرف الناس ورذيلة في نظر الأخلاق وكبيرة في نظر الدين ولكنه يكون اشد سوءا ونكرا حيث يكون الأبوان في حال الشيخوخة.
نقلا

نسأل الله رضاهم والجنــة

بارك الله فيك
ودمت لوالديك باراً

اللهم آمين

حفظك الله زوجة الأمير
ألف شكر لجمال مرورك
و رقة ردك
فلك مني جزيل الشكر و التقدير

فارس الكلمة

حفظ الله ابائنا وامهاتنا

وارحم اللهم من كان تحت الارض

فارس الكلمه

ابارك لك اختيار هذا الموضوع الرائع

فلا حرمنا الله من جديد مواضيعك

تحياتي لك ..

اللهم آمين آمين

و بارك فيكم غيثنا الكريم
بسمة أمل
شرف كبير لي تواجدكم الجميل هنا
فلا عدمناه منكم أختي

فارس

شكراً جزيلاً لكل من تفضل علي بالمرور
وبارك الله لكم جميعاً
فارس