هذه كلمات قرأتها من كتاب (اغاثة اللهفان من مصائد الشيطان)
للاامام شمس الدين ابن القيم الجوزيه:
حقيقة حينما قرأت هذه الكلمات .... استوقفتني
بحق سطور عجيبه
سبحان الله هذا الامام كأنه طبيب حقا للنفوس,, كلماته سرعان ماتصل الى القلوب
اذا وصف اتقن ,, اسلوب رائع حقا ..,, له عبق فريد من نوعه
"""""""
الزكاة في اللغه : هي النماء والزيادة في الصلاح وكمال الشيئ اذا نما
قال الله تعالى ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهّرُهُمْ وَتُزَكّيهِمْ بِهَا )
فجمع بين الامرين الطهارة والزكاة لتلازمهما فأن نجاسة الفواحش والمعاصي في القلب
بمنزلة الاخلاط الرديئه في الدبن
وبمنزلة الرغل في الزرع.. ويمنزلة الخبيث في الذهب والفضه والنحاس والحديد
فكما ان البدن اذا استفرغ من الاخلاط,, الرديئه تخلصت القوه الطبيعيه منها فأستراحت فعملت
عملها بلا معوق ولا ممانع,,
فكما هو البدن فكذلك القلب اذا تخلص من الذنوب بالتوبه فقد استفرغ من تخليطه
فتخلصت قوة القلب وارادته للخير . فأستراح من تلك الجواذب الفاسده والمواد الرديئة
زكا ونما وقوى واشتد , وجلس على سرير ملكه ونفذ حمكه في رعيته فسمعت له واطاعت فلا سبيل له
الى زكاته الا بعد طهارته .
قال تعالى :
{قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ }النور30
فجعل الزكاة بعد غض البصر وحفظ الفرج .
ولهذا كان غض البصر عن المحارم يوجب ثلاث فؤائد عظيمه الخطر جليلة القدر احداها :
حلاوة الايمان ولذته التي هي احلى واطيب والذ ما صرف بصره وتركه لله تعالى ,
فأن من ترك شيئا لله عوضه الله عز وجل خيرا منه , والنفس مولعة بحب النظر الى الصو الجميله والعين رائدة القلب واللسان ترجمانه والاذن رسوله ,, فيبعث رائده لنظر ماهناك,
فأذا اخبره بحسن المنظر اليه وجماله تحرك اشتيقا اليه وكثيرا مايتعب ويتعب رسولهه ورائده
وكما قيل:
وكنت متى ارسلت طرفك رائدا
لقلبك يوما اتعبتك المناظر
رأيت الذي لاكله انت قادر
عليه ولا عن بعضه انت صابر
فأذا كف الرائد عن الكشف والمطالعه استراح القلب من كلفة الطلب والارادة
فمن اطلق لحظاته دامت حسراته ,,,,,,,,
فأن النظر يولد المحبة فتبدأ عرقة يتعلق بها القلب بالمنظور اليه
ثم تقوى فتصير صبابة ينصب اليه القلب بكليته ,, ثم تقوى فتصير غراما يلزم القلب كلزوم الغريم لغريمه,, ثم يقوى فيصير عشقا هو الحب المفرط ,, ثم يقوى فيصير شغفا,,
وهو الحب الذي قد وصل الى شغاف القلب وداخله ثم يقوى فيصير تتيما ,,,والتتيم التعبد
فحينئذ يقع القلب في الاسر فيصير اسيرا بعد ان كان ملكا ومسجونا ,, بعد ان كان مطلقا يتظلم من الطرف ويشكوه والطرف يقول : انا رائدك ورسولك وانت بعثتني وهذا انما تبتلي به القلوب الفارغه
من حب الله والاخلاص له ,, فأن القلب لابد له من التعلق بمحبوب فمن لم يكن الله وحده محبوبه
والهه ومعبوده فلا بد ان يتعبد قلبه لغيره .
قال تعالى عن يوسف الصديق عليه السلام ( كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين)
فامراة العزيز لما كانت مشركه وقعت فيما وقعت فيه مع كونها ذات زوجويوسف عليه السلام لما كان مخلصا لله تعالى نجا من ذلك مع كونه شاابا عزبا غريبا مملوكا.
الفائده الثانيه : في غض البصر نور القلب وصحة الفراسة وقد ذكر الله سبحانه قصة قوم لوط وما ابتلوا به
ثم قال بعد ذلك ( ان في ذلك لايات للمتوسمين)
وهو المتفرسون الذين سلموا من النظر المحرم والفاحشه ,, وقال تعالى عقيب اامره للمؤمنين بغض ابصارهم وحفظ فروجهم
(الله نور السماوات والارض)
وسر هذا ان الجزاء من جنس العمل فمن غض بصره عما حرم الله عز وجل عليه عوضه الله تعالى من جنسه ماهو خير منه
كلما امسك العبد نور بصره عن المحرمات اطلق الله نور بصيرته وقلبه
الفائده الثالثه: قوة القلب وثباته وشجاعته فيعيطه الله تعالى بقوته سلطان لنصرة كما اعطاه بنوره
سلطان الحجة فيجمع له بين السلطانين ويهرب الشيطان منه كما في الاثر
ان الذي يخالف هواه يفرق الشيطان من ظله .
نقلته لكم ...
فلا تنسونا من صالح دعاؤكم
جعلنا الله واياكم من الذين يسمعون القول فيتعبون احسنه