أم فلسطينية لخمسة معاقين تكرس حياتها لرعايتهم وتحلم بشفاعتهم
2010/07/09
لم يعد مستغربا أن نرى أسرة مبتلاة بأكثر من طفل معاق، ومع ذلك تصبر وتحتسب، أما أن تصبر على تربية خمسة أطفال مصابين جميعا بالشلل الدماغي الكامل، ويعجزون عن قضاء أبسط حوائجهم، فهذا بالفعل أمر لافت.
السيدة الفلسطينية نجوى حرز الله المقيمة في قرية "يعبد" شمال الضفة الغربية رزقت بالفعل بخمسة أطفال، جميعهم مصابون بالشلل الدماغي، ورغم ذلك فإنها تعيش صابرة على هذا البلاء، مؤملة أن يكونوا شفعاء لها يوم القيامة.
وفي لقاء مع موقع mbc.net تروي نجوى مشوار حياتها بالقول: "إن علامات المرض تظهر عند أولادي منذ سن مبكرة. فعندما يصل أحدهم عمر 6 سنوات تصبح لديه صعوبة في النطق، وحركة كثيرة لا إرادية، وبعدها بسنتين أو ثلاث يصابون بضمور العضلات ويفقدون بعدها قدرتهم على السير والحديث وخدمة أنفسهم؛ سواء بالأكل أو الشرب أو قضاء الحاجة".
الابن الأكبر يوسف "21 عاما" واصل تعليمه حتى الصف الثاني الابتدائي، ولكن ما أن ظهرت عليه علامات الإعاقة حتى رفضته المدرسة، الأمر الذي دفع نجوى إلى إرساله لمركز يعتني بالمعاقين، وبقي هناك عدة سنوات؛ إلا أن حالته تطورت حيث أصيب مؤخرا بالعشا الليلي، الأمر الذي أقعده نهائيا عن الحركة.
أما أنوار "17 عاما"، فعلى ذات الخط سارت، فما إن وصلت للصف الثاني الابتدائي حتى ظهرت عليها ذات العلامات، ودخلت رغم عنها قفص الإعاقة.
مفاجأة
وبعد إنجاب الطفلين يوسف وأنوار، قررت نجوى وزوجها جمال عدم الإنجاب قبل إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، ومعرفة السبب وراء ما حدث لطفليهما.
وبالفعل أجريا فحوصات شاملة بحثا عن العلة التي أصابت الطفلين، وكانت المفاجأة أن التحاليل أثبتت أنهما لا يعانيان من أي مشكلة صحية أو وراثية تؤدي إلى الإصابة بهذه الأمراض، وحينها نصحهما الأطباء بالإنجاب من جديد.
وطيلة الحمل الجديد ظلت الأم تتردد على المختصين وتراقب وضع الجنين، حتى جاءت الابنة "ميمي" إلى الدنيا والتي تبلغ اليوم العاشرة من عمرها.
ولأن الأم جربت كل الطرق مع أبنائها سابقا ولم تفلح؛ فقد نصحها البعض بعدم إرضاع المولودة الجديدة "عل السبب يكون في حليبها"، فاستجابت لنصيحتهم.
وما أن بلغت الرضيعة تسعة أشهر إلا وأودعتها في حضانة مختصة بالأطفال حتى لا تكتسب من أشقائها أي تصرفات، حتى وصل بها الأمر إلى العمل في ذات الحضانة حتى تكون قريبة من "أملها الوحيد" كما وصفته.
بدأت ميمي تكبر شيئا فشيئا، وتظهر عليها علامات الذكاء، وتميزت بين أقرانها، وباتت تشارك في الحفلات المدرسية وتحفظ كافة الأناشيد عن ظهر قلب، وتمسك بالمايكروفون بكل ثقة، وتقف على خشبة المسرح تشدو بصوتها الرقيق.. لم تصدق الأم والأب ما يشاهدانه، واستقبلوا التهاني من البعيد قبل القريب.
لكن الأسوأ قد حدث، فما أن وصلت "ميمي" سن السابعة حتى تغير كل شيء، وظهرت عليها ذات العلامات الفارقة. بطء في الحديث، وكثرة في الحركة، وعدوانية شديدة حتى إن المدرسة رفضتها.. ومنذ ذلك الوقت وهي في البيت برفقة أنوار ويوسف.
معاناة نجوى لم تقف عند هذا الحد، فقد أنجبت خمسة أبناء، لكن اثنتين توفيتا، الأولى عام 2000، والثانية قبل عدة أشهر.
ولعل أشد ما يؤلم نجوى أنها لم تسمع من كافة أبنائها كلمة "ماما" ولو مرة واحدة، مؤكدة أن "هذا الأمر يسبب لي ألما عظيما لا يفوقه شيء".
لا قنوط
ورغم حجم هذه المأساة إلا أنها لم تدفع السيدة نجوى لليأس، أو القنوط، بل سعت جاهدة إلى رعاية أولادها خير رعاية، فلم تحرمهم يوما من اللعب والتنزه، فتصحبهم إلى الأماكن العامة رغم إعاقتهم، حتى حصلت مؤخرا على لقب "الأم المثالية".
كما أن قسوة الظروف التي مرت بها نجوى لم تمنعها من التفاعل مع مجتمعها المحيط، فهي ناشطة في العديد من المؤسسات والجمعيات التي تُعنى بتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة.
كما تأمل نجوى في أن يكون ابناها اللذان توفيا في حياتها شفعاء لها يوم القيامة، حتى إنها تحب أن تُنادَى بـ"أم الشافعين".