د. صلاح الباز * لتقييم وتشخيص حالة الصرع فإن الطبيب المعالج يحتاج لمعرفة: متى بدأت النوبات، حالة المريض قبل وبعد حدوثها كذلك أي تصرفات غير اعتيادية قد قام بها. كما يفيد الطبيب أيضاً معرفة التاريخ الصحي لعائلة المريض. بالإضافة لإجراء التخطيط الكهربائي للدماغ لتحديد الخلايا العصبية المسئولة عن النشاط الكهربائي الزائد والمسببة لنوبات الصرع.والتخطيط الكهربائي للدماغ يقيس النشاط الكهربائي لسطح الدماغ وقد تظهر النتيجة أن الوضع طبيعيا إذا كانت الأنشطة الكهربائية غير الطبيعية تحدث على مسافة أعمق في الدماغ أي على بعد أعمق من إمكانية التصوير.وكثير من الأشخاص غير المصابين بالصرع تظهر لديهم أنشطة صرعية الشكل عند إجراء التخطيط الكهربائي للدماغ وهذا لا يعني بالضرورة أن لديهم نوبات ، فقراءة وفهم التخطيط الدماغي الكهربائي أمر يحتاج إلى مهارة فائقة ، كذلك تشخيص الصرع يقوم على الصورة السريرية بالإضافة إلى التخطيط الكهربائي ، وهنالك فحوصات أخرى يتم إجراؤها للتأكد من ذلك ومنها (CT, MRI SCANS) . إن الطفل الذي يعاني من نوبات التغيب قد يبدو لناظره وكأنه يمر بنوبه سرحان أو أنه يحملق في الفضاء وما يحدث في هذه الحالة هو مروره بفترة تغير مفاجئ في الوعي ولكن يمكنك التعرف على الفرق بين الحالتين فعليك بالمراقبة عن كثب كذلك قد يكون هناك عوارض أخرى لنوبات التغيب مثل: تطرف العينين، العلك وتحريك الفم ومن المحتمل حدوث حركات بسيطة لعضلات الوجه والرأس والذراعين وفي خلال النوبة قد لا يستجيب الطفل للإثارة اللفظية أو الجسمانية إلا أن الطفل يستطيع مباشرة بعد انتهاء النوبة ممارسة واستئناف نشاطه بشكل طبيعي اعتيادي. وهناك أنواع كثيرة من النوبات الصرعية ، وتختلف هذه النوبات في درجة تكرارها وشكل الإصابة بها اختلافا واسعا من شخص لآخر ومع التقدم في طرق العلاج أصبح من الممكن التحكم بمعظم الحالات وتقسم النوبات إلى نوعين رئيسيين من النوبات:نوع «جزئي» ونوع «عام» كما يقسم كل نوع من هذه الفئات إلى فئات فرعية بما في ذلك النوع الجزئي البسيط ، النوع الجزئي المركب والنوع الذي يسبب الغياب والنوع التوتري – الارتجاجي وأنواع أخرى. النوبات الجزئية وتعرف النوبات المصحوبة بأعراض أولية بأنها نوبات جزئية بسيطة ففي هذا النوع قد يحس المريض ببعض الأحاسيس الغريبة أو الاعتيادية بما في ذلك حركات مفاجئة ومرتجفة لأحد أجزاء الجسم مع اختلال في السمع أو البصر وتعب في المعدة أو إحساس مفاجئ بالخوف ولا يتأثر الوعي في هذه الحالة ، وإذا وجد نوع آخر من النوبات لدى المصاب فإنه قد تعرف هذه الأحاسيس عندئذ بالنسمة (وهي التنبؤ بقرب حدوث النوبة ) . النوبات الجزئية المركبة وتتميز بسلوك آلي معقد يرتبط بضعف الوعي أو الشعور ويبدو المريض أثناء النوبة مترنحا ومرتبكا ، كما يلاحظ حدوث تصرفات لا هدف لها كالمشي العشوائي والتمتمة والتفات الرأس أو شد الملابس، وفي العادة لا يستطيع المريض تذكر أو استرجاع هذه الحركات «الأتوماتيكية» . وقد تبدأ هذه الأعراض لدى الأطفال بالحملقة ومص الشفاه وقد تختلط هذه الأعراض مع أعراض نوبة التغيب أو ما يسمى بالصرع الخفيف. نوبات التغيب (الصرع الخفيف ) تتصف نوبات التغيب الشاملة بحدوث تغيب عن الوعى لفترات تمتد من 5-15 ثانية وفي هذه الفترة يظهر المريض وهو محملق في الفضاء وتتجه العيون إلى أعلى ولا يسبق نوبات التغيب نسمة ويمكن استعادة النشاط بعد هذا الوضع مباشرة وغالبا ما تحدث هذه الحالات لدى الأطفال وتختفي عند المراهقة و قد تتطور إلى أنواع أخرى من النوبات مثل النوبة الجزئية المركبة أو نوبة الصرع الكبيرة ويلاحظ أن نوبات التغيب لدى البالغين نادرة الحدوث. نوبات الصرع الكبيرة وهي نوبات صرعية تشنجية شاملة تمر بمرحلتين ، ففي المرحلة التوترية يفقد الشخص وعيه ثم يسقط ويصبح الجسم صلبا متيبسا ، تليها الفترة الارتجاجية فيحدث أثناءها اهتزاز وارتعاش شديدين للجسم ، وبعد حدوث النوبة يتم استعادة الوعي تدريجيا. وإذا بدأت نوبة الصرع الكبرى موضعيا (بنوبة جزئية) فإنها قد تسبق بما يسمى بالنسمة .وتعتبر النوبات الصرعية التوترية الارتجاجية من أكثر الأنواع وضوحا ومن أكثرها رؤية إلا أنها ليست الأكثر انتشارا ، وتعتبر النوبات الجزئية أكثر حدوثا بنسبة 62% من مرضى الصرع ، أما النوبات الجزئية المركبة فهي تمثل حوالي 30% من جميع الحالات. الأنواع الأخرى للنوباتهنالك حالات صرع حميدة تحدث للأطفال الصغار (تتوقف في السنوات من 13سنة فما فوق) ومن مظاهر هذا الصرع سيلان اللعاب وكذلك انتفاض الفم وتحدث هذه النوبات أثناء النوم في أغلب الأحيان. النوبات الصرعية الارتجاجية يستخدم هذا المصطلح لوصف حدوث النوبات التي لا يتم فيها استعادة الوعي بين حالات حدوثها وهي حالة طبية اسعافية قد تؤدي إلى الوفاة أو قد تؤدي إلى تلف الدماغ ويجب اتخاذ إجراء علاجي سريع. النوبات الكاذبة أو (الوهمية) النوبات الكاذبة أو (النوبات النفسية المنشأ) منتشرة بقدر كبير وقد تحدث لدى المصابين بالصرع أو للأشخاص الأصحاء وتحدث هذه النوبات من خلال رغبة – عن وعي أو غير وعي – للحصول على رعاية واهتمام أكثر وتبدأ مثل هذه النوبات بأعراض تتمثل بسرعة التنفس وضغط عصبي وقلق أو ألم ، ومع سرعة التنفس يتكون في الجسم ثاني أكسيد الكربون الذي يتسبب في حدوث تغيير كيميائي وهذا قد يتسبب في أعراض تشبه إلى حد كبير النوبات الصرعية كوخز في الوجه واليدين والقدمين مع تشنج وارتعاش وما إلى ذلك ، وأفضل علاج لهذا النوع من النوبات هو تهدئة الشخص وجعله يتنفس بطريقة طبيعية ، كما ينبغي أن يشتمل العلاج على البحث في الأسباب أو العوامل النفسية والعاطفية التي أدت إلى ذلك.والصرع عبارة عن حالة مزمنة لنوبات متكررة غير مستثارة ، إن النوبات المعزولة والمستثارة (مثل المخدرات أو الكحول) ليست صرعية حتى ولو كانت الأحداث التي تتعلق بها تمثل نوبات حقيقية ، وهناك أنواع عديدة جدا من النوبات غير الصرعية ، وتختلف النوبات غير الصرعية عن النوبات الصرعية من حيث عدم توفر الدليل على وجود نشاط كهربائي غير طبيعي في الدماغ بعد النوبة وكذلك من حيث عدم حدوثها بشكل متكرر، ومن بعض الأسباب الأخرى الأكثر انتشارا للنوبات غير الصرعية:تدني نسبة السكر في الدم ، الإغماء ، أمراض القلب ، السكتة الدماغية ، الشقيقة ، التواء الأوعية الدموية ، عدم القدرة على مقاومة النوم ، الانقطاع عن تعاطي المخدرات والقلق الشديد.المدة التي تستغرقها النوباتتتوقف مدة النوبة على نوعها فقد تستمر من بضع ثوانٍ إلى عدة دقائق وفي حالات نادرة ربما تستمر لعدة ساعات فمثلا، تستمر النوبة التوترية الارتجاجية من 1-7 دقائق أما نوبات التغيب فإنها قد لا تستمر سوى بضع ثوانٍ في حين قد تستمر النوبات الجزئية المركبة من 30 ثانية إلى ما بين دقيقتين وثلاث دقائق ، أما «النوبات الصرعية الارتجاجية المستمرة» فهي نوبات ربما تستمر لعدة ساعات وهذا قد يشكل حالة طبية خطيرة ، وعلى العموم ، فإن النوبات في معظمها قصيرة المدة وتتطلب إسعافا أوليا.* (طب المخ والأعصاب)الرياض