ليس العطاء المادى وحده هو العطاء و لا الإمساك المادى هو وحده هو البخل ذلك لأن العطاء و الجود و الكرم فى حقيقته نبع نفسى و البخل أيضا فى حقيقته شعور نفسى إنها حركة نفسية داخلية واحدة تلك التى تحرك اليد بالعطاء المادى و هى نفسها التى تحرك المشاعربالعطاء المعنوى
و إن إقتصر هذا العطاء على دفء العواطف
البخل إمساك عن بذل أى خير :-
إن الخروج بالبخل و الكرم من المعنى الحسى المادى إلى المعنى النفسى الواسع يفتح عالماًًرحيباً ليس له حدود عالم يصير الكرم و الجود فيه كل خير تعطيه و يصير البخل و الشح فيه هو كل خير تمسكه أو تضن عن بذله و من ثم فإن ترك البخل و الشح يصير واجباً يشمل الغنى و الفقير و يشمل من يملك و من لا يملك و العطاء و الجود و الكرم يصبح مطلوباً من صاحب المال و من المفتقر إليه على حد سواء كلاهما مطلوب منه أن تتحرك نفسه من الداخل بشعور البذل و العطاء فهناك مظاهر غير مادية لكل من العطاء و البخل و الكرم أساسه حركة نفسية داخلية يمكن التعبير عنها بصورة ظاهرية عديدة 0
غنى كريم و فقير معطاء
إن تعدد صور العطاء فى المفهوم الإسلامى تمكن كل إنسان فى المجتمع المسلم بغض النظر عن مكانته المادية من أن يكون كريماً جواداً إن عالم الإسلام تتعدد فيه صور العطاء حتى تشمل التصرفات و المشاعر لذلك يدخل هؤلاء الذين لا يملكون شيئا من الأعراض المادية فى زمرة المعطين الكرماء من باب واسع و حينئذ يصح أن نطالبهم بترك البخل فقد صار لديهم ما يعطون فإذا صار الجميع يعطى و يأخذ عند ذلك يختفى شعور الآخذين بالضآلة و الضعف و ينحسر شعور المعطين بالخيلاء فقد صار الكرم
وصفاً للغنى و نعتاً للفقير عندئذ تصبح العزة و الرفعة حال الناس أجمعين لأنهم كلهم معطون آخذون و تعود القيم الشعورية و الوجدانية إلى توجيه الحياة فى المجتمع بعيداً عن تحكم الماديات فيه إن مجتمعاً هذا وصفه جدير بأن يوصف بأنه مجتمع المسلمين
البخل أدوا داء000 اى أشد و أفتك مرض :-
كلمة قالها أبو بكر الصديق لجابر بن عبدالله رضى الله عنهما و كررها ثلاث مرات حينما قال له جابر رضى الله عنه (( فإما ان تعطينى و غما ان تبخل عنى فقال أقلت تبخل عنى و اى داء ادوا من البخل قالها ثلاثاً
و قد إستعاذ الرسول صلى الله عليه و سلم من البخل فقد كان يقول (( اللهم إنى اعوذ بك من العجز و الكسل و الجبن و البخل و الهرم و اعوذ بك من عذاب القبر و اعوذ بك من فتنة المحيا و الممات )) .
و قد توج القرآن الكريم معنى ترك البخل حين ربط الفلاح به فى قوله تعالى { فإتقوا الله ما إستطعتم و إسمعوا و اطيعوا و انفقوا خيرا لأنفسكم و من يوقَ شح نفسه فأولئك هم المفلحون }
كيف يمكننا تحقيق ما إستفدناه من قرأتنا لهذا الموضوع و الخروج من صورة معلومات جامدة إلى صورة محسوسة ملموسة تصرفات و افعال ؟؟؟؟ 0
1- التهادى بذل و تحاب :-
نستطيع أن نحيى سنة التهادى فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( تصافحوا يذهب الغل و تهادوا تحابوا و تذهب الشحناء ))
دعونا نعود انفسنا و الناس من حولنا على تقدير معنى الهدية مجرداً عن قيمتها المادية و ذلك بالبحث عن شىء بسيط يمكننا إهدائه لغيرنا لنعرف هذا المعنى لمن يعرفه او لمن لا يعرفه و نريده أن يتعلم هذا المعنى
و نستعين فى ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه و سلم (( يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها و لو ِفرِْسنَ شاة )) فإن صرف الناس عن التقييم المادى إلى التقييم المعنوى للهدية يحتاج لتكرار التهادى بالبسيط المعبر 0
2- التعليم أنفع عطاء
صورة عمليه اخرى من صور العطاء و الكرم إنه التعليم و التبليغ و الوعظ و الإرشاد إنه الكرم بالعلم و الجود بالمعرفة 000فمن سنحدد لنعلمه هذا المعنى الجديد فى اقرب وقت ؟
3- التبسم صدقة و تودد :-
ثم نجود بالعواطف و العواطف نبع لا ينضب إنه ينبوع لا ينضب إنه ينبوع يملكه كل والدين نحو اولادهما كما يملكه كل زوجين تجاه الآخر بل يملكه كل ولد و بنت نحو الوالدين فلنجعل الفترة القادمة موسم كرم بالعواطف نتعهد بذلك لفترة معينة ثم يختار كل منا من مظاهر دفء العواطف ما يناسب الآخذ و المعطى 0يا ترى ماذا سنعطى و على من سنجود ؟ إنه عطاء خاص 00أمانة شخصية و يبقى العطاء العام الذى لا خصوصية فيه و لا حرج فى تناوله ألا و هو الصدقة الباسمة فقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم (( تبسمك فى وجه أخيك لك صدقة 00))
منقول.............