شعرتْ ليلى بالحزن، لأنها بقيتْ وحيدةً في المنزل. تلفتتْ حولها. شاهدت طفلةً في المرآة. حسبتْ أنها تناديها:
ـ تعاليْ يا صديقتي. أنا أعلمُ أن أمِّكِ ذهبتْ لزيارة جارتِها المريضةِ..
ـ ماذا تريدينِ؟
ـ نتسلَّى معاً. ونقضي وقتاً ممتعاً.
ـ كيف؟!...
ـ انظري إليَّ جيِّداً.. تريْ طفلةً جميلةً مثلكِ. لها وجهٌ نظيفٌ، وشعرٌ جميلٌ، تزّينهُ شريطةٌ بيضاءُ.
نظرتْ ليلى، فأعجبتْها صورتُها..
قالت المرآةِ:
ـ مدّي لسانَكِ..
مَدّتْ ليلى لسانَها، فشعرتْ بالخجلِ.
ـ إذا كنتِ تخجلينَ من مدِّ اللسانِ، فأدخلي أصابعَكِ بين شعرِكِ، والعبي به.
أدخلتْ أصابعَها بين شعرِها، ولعبتْ به. لكنَّها شعرتْ بخجلٍ أشدَّ، لأنها تذكرتْ منظرَ الطفلةِ التي تلعبُ في الشارعِ، وشعرُها مشعَّثٌ، والذبابُ يحطُّ على عينها لذلك أسرعتْ إلى مشطها، وبدأت تُسرّحُ شعرَها، ثم جَدَلتْ منه ضفيرتين جميلتين.
ـ حسناً. عدتِ جميلةً.. والآنَ. ضعي إصبعكِ على جانبِ رأسكِ. وتذكري من يفعلُ ذلك.
وضعتْ ليلى إصبعها على جانبِ رأسها، ثم قالت: وهي تشعرُ بالسعادة:
ـ هكذا تجلسُ المعلِّمةُ عندما تفكر.
ـ حسناً. والآن حَرَّكي رأسَكِ، ودعيهِ يتمايلُ.
حرَّكَتْ ليلى رأسَها، فتراقصتِ الضفيرتان على جانبيهِ، ثم حانتْ منها التفاتةٌ إلى وجهها. فوجدَتْهُ لا يزال حزيناً.
سألتْ:
ـ لماذا تبدو البنتُ في المرآةِ حزينةً؟!...
ـ لأنكِ لم تضحكي!..
ضحكتْ ليلى فضحكتِ البنتُ، لكنَّها عندما شاهدَتْ أسنانَها، أسرعتْ إلى المعجونِ والفرشاةِ، ونظَّفتها.
ـ أحسنتِ يا صديقتي، والآن ابتسمي من جديدٍ.
ابتسمتْ ليلى، فابتسمتْ البنتُ الجميلةُ في المرآةِ.
عندئذٍّ قرّبتْ وجهَهَا منها، وقبَّلتها. لكنَّ البنتَ الجميلةَ قد تغيَّرَ وجهُها، وظهرتْ عليه غِشاوة.
سألتْ.
ـ لماذا ظهرتِ الغِشاوةُ على وجهِ البنتِ الجميلِ؟
ـ لأنَّ المرآةَ يا صديقتي، لا تحبُّ أن يمسَّها أحدٌ.
ـ أنا آسفة.
أحضرتْ ليلى منديلاً ورقياً، ومَسَحَتِ المرآةَ، ثم عادتْ تلعبُ معها ألعاباً مسلّيةً، وقد غمرها الفرح
منقول