الأطفال في بيتنا ديك يسعل

الرياض - د. عبدالله الفارس (مستشفى قوى الأمن)

مرض غريب، وأسبابه غير
معروفة على وجه التحديد للمختصين من الأطباء، وهو يصيب بعض الأطفال في
فترة ما دون الخامسة من أعمارهم. إنه «السعال الديكي» الذي يتسبب في تعرض
المصابين به لسعال شديد قد يستمر لأشهر عدة. وعلى الرغم من أن هذا المرض
يتلاشى تماماً إذا تمت مقاومته باللقاحات والتطعيمات المضادة، إلا أنه بدأ
ينتشر بشكل مثير في خلال السنوات الماضية. حيث لم يستطع العلماء تحديد
أسباب عودته حتى الآن، كما لم يتمكنوا من معرفة عوامل الإصابة به على نحو
دقيق.
ومما يثير الذعر أيضاً أن هذا النوع من السعال، وهو ما يعرف «بالسعال
الديكي»، آخذ في الانتشار، وأن حالات الإصابة به تتزايد بين الأطفال
والآباء. ففي عام 1996م بلغ عدد الإصابات حوالي ثمانية آلاف إصابة وهو
العدد الأعلى منذ عشرين سنة - تقريباً - والذي تم تسجيله من قبل مركز
مكافحة الأمراض.
ومع أن المرض يصيب الكبار والمراهقين وأولاد المدارس إلا أن معظم الإصابات
تحدث بين الأطفال الأصغر سناً. ووفقاً لتقرير مركز مكافحة الأمراض في
الولايات المتحدة فإن السعال الديكي من أكثر الأمراض التي تستجيب للقاح
والتطعيم المضاد للوقاية من هذا المرض، وخصوصاً بين الأطفال الذين تقل
أعمارهم عن خمس سنوات. كما أن الأطفال الذين لم يتجاوزوا ستة أشهر هم
الأكثر عرضة للإصابة بالمرض.
ويصف أحد الخبراء هذا المرض بأنه كابوس مخيف، وأن عودته مفاجئة رغم أن
الأسباب غير محددة. ويقول (موريان برينان) اختصاصي الوبائيات في مركز
مكافحة الأمراض «بسبب صعوبة معرفة من هو المصاب ومن هو غير المصاب بهذا
الوباء فإن الوقاية منه أو تشخيصه أو علاجه أمر أكثر صعوبة». ففحوصات
السعال الديكي لا تكون في أحيان كثيرة واضحة المؤشرات على وجود البكتيريا
المسببة، حيث إن البكتيريا تعمل على إقلال الشعب الهوائية ثم تختفي وبعد
مدة طويلة نسبياً يبدأ المصاب في السعال الشديد.
وعادة ما يبدأ المرض على شكل إصابة برد أو زكام، حيث من المعروف عن
البكتيريا المسببة للسعال الديكي مراوغتها وشراستها بشكل مثير، لذلك فإن
ملاحظة الأعراض والتعرف عليها بدقة أفضل وسيلة للتشخيص، رغم أن ذلك قد لا
يكون كافياً لتحديد مرض السعال الديكي. فلقد وجد أن طلبة إحدى الكليات
أصيبوا بالسعال ولم يتمكن الأطباء من تشخيصه وتحديده رغم أن 26% منهم كانوا
مصابين بالسعال الديكي. فهذا المرض يبدأ وكأنه إصابة زكام أو برد تحمر فيه
العيون ويمتلئ الأنف بالسائل المخاطي. بعد ذلك تزداد الكحة سوءاً
واشتداداً لدرجة أن الطفل يتقيأ من شدتها.
يقول د.( كريستيا ياتريل) من مستشفى الإيمان، للأطفال «إن الشعب الهوائية
اليافعة لا تستطيع تنظيف نفسها جيداً من الترسبات المخاطية وبقايا الخلايا
الميتة» وهذا ما يجعل تلك الشعب غير نظيفة جيداً بحيث لا يمكن للطفل التنفس
جيداً، و هذا الأمر يعد من أهم أعراض السعال الديكي. ويضيف: «ما إن يستطيع
الطفل سحب قليل من النفس حتى يجد نفسه بحاجة مرة أخرى إلى دفعة ثانية من
الهواء لعدم جريان الهواء جيداً في الشعب الهوائية، فلذلك ترى أن النفس
متقطع لدى الطفل، وأن صوت الهواء المتقطع عبر الشعب المغلقة جزئياً يظهر
وكأنه صوت الديك.
إن أسوأ مراحل الإصابة بالسعال الديكي هي فترة الأسبوعين الأولين ثم تمتد
وبشكل أخف لأشهر أحياناً. وكما يقول المختصون فإن هذا المرض عادة ما يعالج
بالمضادات الحيوية من (الإيروثرومايسين) وخصوصاً في مراحله الأولى.
والمضادات الحيوية تحد من انتقال العدوى واشتدادها لدى المصاب إلا أنها لا
تزيد من سرعة شفاء المريض. وفي بعض الأحيان يحتاج الطفل - اعتماداً على سنه
- إلى التنويم بالعناية المركزة وإعطاء المحاليل الوريدية وحتى الأكسجين
للتنفس.
وفقاً لتقارير مركز مكافحة الأمراض فإن 2 من كل 1000 إصابة بالسعال الديكي
يلاقيان حتفهما وخصوصاً بعد أن يصل بهم المرض إلى مرحلة متقدمة ويصابون
بالتهابات ثانوية مصاحبة لهذا المرض مثل التهاب ذات البلورية. لأن انغلاق
الشعب الهوائية يفتح المجال أمام بعض الميكروبات للدخول والتسبب في بعض
الالتهابات.
ولذلك فإن التطعيم ضد السعال الديكي يبقى ضرورياً وملحاً كأحد أهم
التحصينات ضده، وذلك إلى أن يصل سن العاشرة من العمر. ويعطي هذا اللقاح على
شكل حقن خمس مرات عند سن( 2 ، 4 ، 15 ، 18 ) شهراً، ثم أخيراً عندما يصل
إلى سن الرابعة أو السادسة من عمره. وكل حقنة تعزز فعالية سابقها كما يقول
د. (باتريك)، ولا يتم التحصين إلا بعد اكتمال الجرعة أو الحقنة الخامسة، إذ
عندها لا يكون هناك أي فرصة للسعال الديكي للهجوم مرة أخرى

منقول

بارك الله فيك