أن نحمي أطفالنا، هذا أمر بديهي طبعاً، وضروري، وأساسي في حياة كلّ أم. لكن متى تصير الحماية مؤذية ومفرطة؟
"رعاية الطفل، ميل طبيعي، وقد نقول غريزي عند كلّ أم"، تشرح المعالجة
النفسيّة هيلين برونشويغ لموقع "توب سانتي" الفرنسي المتخصص. "لكن هناك
الكثير من العوامل التي تجعل هذه الحماية خانقة، ومؤذية لنمو الطفل. ومن
بين هذه الأسباب، أنّ الأم تكون قد عاشت نقصاً عاطفياً في طفولتها، وتحاول
أن تتدارك آثار حرمان مماثل على طفلها. وهناك أمهات أخريات، يحاولن تعويض
ما فاتهنّ من أحلام، من خلال تربية أولادهنّ بشكل مثالي. الطفل قد يكون
إذاً وسيلة لكي يسدّ الأهل عقد النقص عندهم، وطريقاً مشرقاً ليحققوا آمالهم
وطموحاتهم المكسورة. لكن الإهتمام المبالغ فيه بالأطفال ينتج أيضاً عن
عوامل موضوعيّة أخرى، كأن يكون الطفل الأصغر بين إخوته وأخواته، أو الإبن
الذي عانى مثلاً من انتكاسة صحيّة.
كيف نتفادى ألا تصبح الحماية والإهتمام عاملتاً في طمس شخصّة الطفل، ومحفزاً على جعله شخصاً اتكالياً وكسولاً؟
يمكن لكثرة الإهتمام أن تتحوّل إلى نوع من التسلّط اللطيف. عبر متابعة كل
خطوات الطفل، قد نسبب له من دون أن نقصد شعوراً بالاختناق. وهذا قد يؤدي
إلى نتيجتين متناقضتين، الأولى أن يثور الطفل ويصير عدائياً، لكي يفلت من
قبضتك... أو أن يصير
ملتصقاً بك، ضعيف الشخصية، غير قادر على القيام بأي خطوة بمفرده. بكل
بساطة المحبة المفرطة، قد تمنعه من أن ينمو، ويكبر، ويصقل شخصيته.
خذي مسافة نقديّة من تصرفاتك مع أبنائك. فكري ما السبب الذي يجعلني أتابع
كلّ تفصيل من تفاصيل حياتهم؟ بالطبع لن يقلل ذلك من محبتك لهم، ومن اهتمامك
بهم، لكنّ التفاني لا يعني أن تهمل الأم نفسها وصحتها، من أجل تأمين سعادة
أبنائها. أن يرى الأبناء أمهم ناجحة وسعيدة، يعطيهم ثقة وسعادة أكبر بكثير
من رؤية أمهم متعبة وقلقة طيلة الوقت. احفظي مسافة صغيرة بينك وبين
الأطفال. اخرجي في نزهة وحدك، ولو لمرة في الشهر... هذا يخفف من وطأة حضورك
الدائم، ويعطيهم الفرصة ليجربوا يعض الإستقلالية.
انسي كلمة "انتبه"، و"ممنوع" لفترة. عوضاً عن تخويفه من الخروج لأنّه قد
يقع، أو قد تصدمه سيارة، أو قد يضيع... واكبيه من بعيد، دعيه يختبر
الأشياء، ويوسع تجربته. قولي له "أنا أثق بأنّك تستطيع فعل هذا أو ذاك..."
هذا لا يعني أنّك أم مستهترة على العكس، ستواكبينه من بعيد ربما
م/ن