[b]ذا غُرست شجرة المحبةفي القلب، وسُقيت بماءالإخلاص ومتابعة الحبيب،أثمرت أنواع الثمار، وآتت أكلها كل حين بإذن ربها، أصلها ثابت فيقرار القلب، وفرعها متصل بسدرة المنتهى. لا يزال سعي المحبصاعدًا إلى حبيبه لا يحجُبُه دونه شيء
وفي الصحيحين عنأنسٍ رضي الله عنه :عن النبي صلى اللهعليه وسلم قال "والذي نفسي بيدهلا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولده والناسأجمعين". وفي الصحيحين أيضًا أن عمر بنالخطاب رضي الله عنه قال: يا رسول الله! والله لأنت أحبُّ إليَّ من كلشيء إلا من نفسي. فقال صلى الله عليه وسلم: "لا يا عمر، حتى أكون أحبَّ إليك مننفسك". فقال: والله لأنت أحبُّ إليَّ مننفسي. فقال صلى الله عليه وسلم:" الآن ياعمر" ،ومعلوم أنمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم تابعة لمحبة الله عزوجل فما الظن بمحبة الله عز وجل؟! وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُالْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍفَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} الممتحنة.
قال ابن عباس في هذه الآية: كانت المرأة إذا أتتِ النبي صلى الله عليه وسلملتُسْلِم؛ حلّفها بالله ما خرجت من بغض زوج إلا حبًّا لله ورسوله.
وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاث من كُن فيه وجد بهنَّ حلاوةالإيمان: أن يكون الله ورسول أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلالله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذهالله، كما يكره أن يُقذف في النار".
وعن معاذ - في حديث اختصام الملأالأعلى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أتاني ربي تبارك وتعالى في أحسن صورة يعني في المنام فذكر الحديث. وقال في آخره: "قال: سل. قلتُ: اللهم إني أسألك فعلالخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت بقوم فتنة فتوفني إليك غير مفتون،وأسألكحبك، وحب من يحبك، وحب كل عمل يقربني إلىحبك". فقال رسول الله صلى الله عليهوسلم: "إنها حقٌّ فادرسوها، ثمتعلموها" [رواه أحمد والترمذي وقال: حسن صحيح].
ومن الأسباب الجالبة للمحبة المقوية لها
(1) قراءةالقرآن بالتدبر: لقول الرسولصلى الله عليه وسلم: "من سره أنيحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف".ـ
(2) التقرب إلىالله بالنوافل بعد أداء الفرائض: كما فيالحديث القدسي:ولا يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتىأحبه.
(3) دوام ذكرهسبحانه على كل حال: بالقلبواللسان، قال. قال إبراهيم بن الجنيد: كان يقال: من علامةالمحبةلله: دوام الذكر بالقلب واللسان، وكلما ولع المرءبذكر الله عز وجل إلا أفاد منه حب الله عز وجل
(4) إيثار محابه سبحانه على محاب النفسوهواها
(5) مطالعةالقلبلأسمائه وصفاته ومشاهدتها ومعرفتها وتقلبه فيرياض هذه المعرفة: عن عائشةرضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على سرية فكان يقرأ لأصحابه فيصلاته فيختم بـ{قل هو الله أحد}؛ فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول اللهصلى الله عليه وسلم فقال: "سلوه لأي شيء يصنع ذلك". فسألوهفقال: لأنها صفة الرحمن، فأنا أحب أن أقرأ بها. فقال رسولالله صلى الله عليه وسلم: "أخبروه أنالله يحبه".
(6) مشاهدة برهوإحسانه ونعمه الظاهرة والباطنة : قال تعالى: {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النحل:53]. ـ
(7) الخلوة بهسبحانه وقت النزولالإلهي لمناجاته وتلاوة كلامه ودعائه واستغفاره
(8) مجالسة المحبينالصالحين الصادقين
(9) مباعدة كلسبب يحول بينالقلب وبين الله عزوجل
ومن المحبين الصادقين
أبو بكر الصديق الذي سبق الأمة بحبه لله عن بكر المزني قال: ما فاق أبو بكر أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بصوم ولا صلاة، ولكن بشيء وقر في قلبه. قال إبراهيم: بلغني عن ابن علية أنه قال في عقيب هذا الحديث: الذي كان في قلبه الحبُّ لله عز وجل والنصيحة لخلقه
كان ابن عمر يدعو على الصفا والمروة وفي مناسكه: "اللهم اجعلني ممن يحبك،ويحب ملائكتك، ويحب رسلك، ويحب عبادكالصالحين. اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك وإلى رسلك وإلى عبادكالصالحين".
حكيم بنحزام كان رضي الله عنه يطوف بالبيت ويقول: لا إله إلاالله ، نعم الرب ونعم الإله ، أحبه وأخشاه
من علامات صدق المحبة
إن المحبة شجر طيبة أصلهاثابت وفرعها في السماء، وثمارها تظهر في القلب واللسانوالجوارح. وقد وصفالله تعالى المحبين بالعديد من الأوصاف،
(1) الذلة علىالمؤمنين ولين الجانب والتواضع والرحمة والرأفة للمؤمنين
(2) العزة علىالكافرين والبراءة منهم
(3) الجهاد في سبيلالله ببذل النفس والمال لنصرة دين الله ورد الناس إليه
(4) الاجتهاد في رضىالله وعدم المبالاة بلوم الناس
(5) متابعة الرسول صلىالله عليه وسلم وطاعته
ومن علاماتها
حب لقاء الله في دار السلام والنظر إلى وجهه قال ابن رجب: "هِمَمُ العارفين المحبين متعلقة من الآخرة برؤية الله، والنظر إلى وجهه في دار كرامته والقرب منه" انتهى
عبد الله إذا فرح الناس بالدنيا فافرح أنت بالله عبد الله إذا أنس الناس بالناس فانس أنت بالله عبد الله إذا استغنى الناس بالناس فاستغني أنت بالله عبد الله إذا تودد الناس إلى الناس فتودد أنت إلى الودود الرحيم
نسأل الله الكريم أن يرزقنا محبته وأن ينعم علينا بالنظر إلى وجهه الكريم في جنات النعيم