الرياض- د. عبدالرحمن اليمان
تعتبر
زيادة انتشار أمراض الأسنان بين الأطفال في المملكة العربية السعودية من
الأمور التي تدعو إلى القلق الشديد، وتستلزم تركيز الجهود وتوحيدها بين
الجهات الصحية بالمملكة. وبهذا الخصوص فإن لدينا عدداً من الرسائل الهامة
التي يجب أن ننقلها إلى المجتمع. فهم بحاجة إلى أن يدركوا أن العناية بصحة
الفم والأسنان أمر هام وضروري، وأن الإهمال في ذلك يؤدي إلى الكثير من
المضاعفات والمشكلات الصحية.
ما يهمنا الآن على وجه التحديد هو وضع صحة
الفم والأسنان بين الأطفال، حيث وصلت نسبة الإصابة بتسوس الأسنان بين هؤلاء
الأطفال في بعض المناطق إلى ما يزيد على 80%، وقد أظهرت أبحاث ودراسات
سابقة أن نسبة 77% من الأطفال في سن 6 سنوات يعانون التسوس في أسنانهم
اللبنية، وأن 41% من الأطفال الذين تبلغ أعمارهم 9 سنوات يعانون تسوساً في
أسنانهم الدائمة، وترتفع هذه النسبة بارتفاع أعمار الأطفال، حيث وجد أن 60%
من الأطفال في سن 12 عاماً يعانون التسوس وبعض أمراض الأسنان الأخرى.
وبالنظر
إلى ضخامة المشكلة وسرعة انتشارها، وما يترتب على ذلك من مشكلات صحية
وأخرى اجتماعية واقتصادية، فإن طرائق الوقاية من أمراض الفم والأسنان سهلة
وفي متناول الجميع، إذا أخذت بقدر كاف من الأهمية والوعي والمتابعة.
ويمكن أن نلخص ذلك فيما يلي:
أولاً:
المحافظة على نظافة الأسنان من خلال استعمال فرشاة ومعجون الأسنان، ثلاث
مرات يومياً على الأقل بعد الوجبات، وكذلك اتباع سنة نبينا محمد صلى الله
عليه وسلم في المحافظة على استعمال السواك مع كل وضوء وصلاة، وعند النوم
وغيرها من الأوقات التي يستحب استعمال السواك فيها.
ثانياً: تناول الغذاء المتوازن المحتوي على كميات مناسبة من الحليب ومشتقاته والخضراوات والفواكه الطازجة.
ثالثاً: الإقلال من الحلوى والسكريات والمشروبات الغازية بأنواعها، وخصوصاً بين الوجبات،
رابعاً: المحافظة على زيارة طبيب الأسنان بصفة دورية كل ستة أشهر.
فوائد الحليب
إن
من أهم الأغذية التي تساعد على تكوين أسنان سليمة مقاومة للأمراض هو
الحليب، حيث يعد من أحد المجموعات الغذائية الرئيسة التي يجب تناولها
يومياً، كما أن الحليب مشروب ذو قيمة غذائية عالية. فهو غني بالبروتينات
والفيتامينات والعناصر المعدنية المفيدة لبناء الجسم ونموه.
وبما أننا
بصدد الحديث عن صحة الفم والأسنان، فلابد من التركيز على عنصر الكالسيوم
الذي يعتبر من أهم العناصر المعدنية الموجودة في الحليب، حيث يساعد هذا
العنصر ومنذ بداية نمو الأسنان اللبنية والدائمة لدى الأطفال على تكوين
أسنان سليمة ومقاومة للتسوس، ويعتبر الأطفال ومن هم في سن المراهقة بحاجة
ماسة إلى كميات كبيرة من الكالسيوم في مرحلة النمو لبناء العظام والحفاظ
على سلامتها، ويعد الحليب ومشتقاته من أغنى المصادر التي تمدنا بالكالسيوم،
ويوصى الأطفال بتناول كوبين إلى ثلاثة أكواب من الحليب يومياً لتزويد
أجسامهم بمعظم احتياجاتهم من الكالسيوم، على أن يتم تأمين الكمية المتبقية
عن طريق تناول مشتقات الحليب الأخرى مثل اللبن أو الزبادي أو الجبن...إلخ.
استثمار صحي
ويعتبر
الحليب استثماراً صحياً غذائياً للمستقبل، حيث إن عنصر الكالسيوم يخزن في
العظام حتى سن الخامسة والثلاثين من العمر تقريباً، ثم يحدث فقد تدريجي
للكالسيوم بعد هذه السن، وبالتالي قد تضعف العظام وتصاب بالهشاشة عند الكبر
خصوصاً لدى النساء إذا لم يوجد مخزون كاف.
ومن هذا تتضح أهمية الحليب
ومشتقاته ليس فقط للأطفال والشباب بل لجميع الأعمار دون استثناء، إضافة إلى
ذلك فإن الحليب يحتوي على فيتامينات وبروتينات أخرى من أهمها فيتامين "أ"
المهم لسلامة العين والإبصار، وكذلك فيتامين "د" الذي يساعد على امتصاص
الكالسيوم، بالإضافة إلى فيتامين "ب" المركب المهم لسلامة الأنسجة
والأعصاب.
ويعد استهلاك الفرد السعودي من الحليب من أقل النسب على مستوى
العالم، لذلك يجب التركيز في برامج التوعية الصحية على أهمية تناول الحليب
ودوره في بناء الجسم ونموه.
ومن جهة أخرى فقد أثبتت الدراسات والأبحاث
بالدليل القاطع وجود علاقة مباشرة بين الغذاء وتأثيره على القدرة
الاستيعابية ومستوى التركيز عند الطلاب، إذ غالباً ما يعزى سبب تدني مستوى
الأداء لدرجة أقل من المتوسط إلى عدم تناول وجبة الإفطار.
كما أظهرت
نتائج عدد من الدراسات الأخرى أن الطلاب الذين يبدأون يومهم بتناول وجبة
الإفطار يظهرون قدرة أكبر عند التركيز والعمل بنشاط، وارتكاب الأخطاء بدرجة
أقل، بالإضافة إلى تمتعهم بقدرات إبداعية أكبر وخيال أوسع وقدرة على تحمل
الجهد البدني بدرجة أكبر.
من هنا نجد أنه قد بات من الضروري جداً أن
تقوم الجهات الصحية المختلفة بالتعاون مع أجهزة الإعلام بتنفيذ برامج توعية
ليس فقط في مجال صحة الفم والأسنان، بل في جميع المواضيع الصحية بطريقة
جذابة بعيداً عن الطرح التقليدي الممل، حيث يعتبر الإعلام المرئي من أكثر
الأجهزة الإعلامية تأثيراً على مفاهيم الناس وعاداتهم
منقول