آداب الدعاء
,,,,,,,,
في عهد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لم ينزل المطر سنة، وكاد الناس أن
يهلكوا، فجمع عمر الناس، وخرجوا إلى الصحراء، وطلب عمر من العباس عم النبي
صلى الله عليه وسلم أن يدعو للمسلمين، فرفع العباس يديه إلى السماء وقال:
اللهم هذه أيدينا إليك بالذنوب، ونواصينا إليك بالتوبة، فاسقنا
الغيث. فأنزل الله -عز وجل- المطر.
الدعاء هو طلب العفو والرحمة والمغفرة وقضاء الحاجات من الله، وهو من
العبادات التي تُرْضي الله -عز وجل- فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(الدعاء هو العبادة) _[الترمذي].
وقال صلى الله عليه وسلم: (ليس شـيء أكرم على الله تعالى من الـدعاء) [الترمذي وأحمد]
.
وللدعاء آداب على كل مسلم أن يلتزم بها، منها
:
اختيار وقت الدعاء
:
فهناك أوقات يستجاب فيها الدعاء، كشهر رمضان، ويوم عرفة، ويوم الجمعة،
ووقت السَّحَر -آخر الليل- والأيام العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، قال صلى
الله عليه وسلم: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه
الأيام العشر). قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: (ولا
الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء)
[البخاري].
وقال صلى الله عليه وسلم: (ينزل الله إلى السماء الدنيا كل
ليلة حين يمضي ثلث الليل الأول، فيقول: أنا الملك.. أنا الملك.. من ذا الذي
يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه؟ من ذا الذي يستغفرني
فأغفرله؟ فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر) [مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة)
[أبوداود والترمذي والنسائي وأحمد] وقال صلى الله عليه وسلم: (الدعاء بين الأذان والإقامة مستجاب فادعوا) [ابن عدي].
وقال صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد؛ فأكثروا
من الدعاء) [مسلم]. ومن أوقات إجابة الدعاء -أيضًا- عند مواجهة العدو، وعند
نزول الغيث، وعند صياح الدِّيكة، وبعد الصلوات المكتوبات، وفي السجود
.
استقبال القبلة
:
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا يصلي بالناس صلاة الاستسقاء، فجعل
ظهره إلى الناس واستقبل القبلة، وظل يدعو الله[متفق عليه].
. وقال صلى الله عليه وسلم: (إن ربكم حَيي كريم، يستحي أن يبسط العبد يديه إليه فيردهما صِفْرًا) [أبوداود والترمذي وابن ماجه]
.
الثناء على الله -سبحانه- والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم
:
سلمة بن الأكوع: ما سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح الدعاء إلا استفتحه (بسبحان ربي الأعلى العلي الوهاب) [أحمد].
وعن فضالة بن عبيد قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد، إذ دخل
رجل فصلى، فقال: اللهم اغفر لي وارحمني، فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: (عَجِلتَ (تسرعتَ) أيها المصلي، إذا صليتَ فقعدتَ فاحمد الله بما هو
أهله، وصلِّ علي، ثم ادعه) ثم صلى رجل آخر بعد ذلك؛ فحمد الله، وصلى على
النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له صلى الله عليه وسلم: (أيها المصلي! ادع
تجب) [أبوداود والترمذي والنسائي]
.
الإلحاح في الدعاء وتكراره ثلاثًا
:
قال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: كان صلى الله عليه وسلم إذا دعا
دعا ثلاثًا، وإذا سأل سأل ثلاثًا، وقال صلى الله عليه وسلم: (يستجاب لأحدكم
ما لم يعْجَل. يقول: قد دعوتُ ربي فلم يستجب لي) [متفق عليه]. وقال صلى
الله عليه وسلم: (لا يقولن أحدكم: اللهم اغفر لي إن شئتَ، اللهم ارحمني إن
شئتَ. ليعزم المسألة فإنه لا مستكرِه له (أي يدعو الله وهو موقن أن الله
سيقبل دعاءه. فالله هو القادر على كل شيء) [متفق عليه].
.
خفض الصوت بالدعاء
:
قال تعالى: {ادعوا ربكم تضرعًا وخفية }
[الأعراف: 55]. وقال صلى الله عليه وسلم للصحابة حينما رفعوا أصواتهم
بالدعاء: (إنكم ليس تدعون أصم ولا غائبًا، إنكم تدعون سميعًا قريبًا، وهو
معكم) [مسلم]
.
الدعاء بما جاء في القرآن والسنة
:
فالأفضل
للمسلم أن يدعو بما ورد في القرآن الكريم من أدعية كثيرة، مثل: {ربنا اغفر
لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين}
[آل عمران: 147] {ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب
النار} [البقرة: 201]
.
ويدعو بما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم
،
مثل: (اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك
ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك، وأبوء لك بذنبي،
فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) [البخاري]. وقوله: (اللهم إني أعوذ
بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق) [النسائي]
.
عدم تكلف السجع في الدعاء
:
المسلم لا يتكلف السجع في الدعاء؛ لأن هذا مقام تضرع وخضوع، والتكلُّف لا
يناسبه. قال ابن عباس -رضي الله عنه-: انظر السجع من الدعاء فاجتنبه؛ فإني
عهدتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لا يفعلون إلا ذلك الاجتناب.
[البخاري].
وقال بعض الصالحين: ادع بلسان الذلة والافتقار لا بلسان الفصاحة والانطلاق
.
الدعاء للنفس ثم الدعاء للغير
:
قال تعالى: {ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم} [الحشر: 10]
.
عدم الدعاء على النفس أو الأهل أو المال أو الولد
:
قال صلى الله عليه وسلم: (لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على أموالكم) [مسلم]
.
الدعاء لأخيك بظهر الغيب
:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (دعوة المرء المسلم لأخيه بظهر الغيب
مستجابة، عند رأسه ملك موكَّل، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك الموكل به:
آمين، ولك بمثل) [مسلم]
.
الدعاء لمن أحسن إليك
:
قال صلى الله عليه وسلم: (من صُنع إليه معروفٌ فقال لفاعله: جزاك الله خيرًا؛ فقد أبلغ في الثناء) [الترمذي والنسائي]
.
طلب الدعاء من الصالحين
:
المسلم يسأل إخوانه الدعاء، ولا سيما
الصالحون، فعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: استأذنتُ النبي صلى الله
عليه وسلم في العمرة، فأذن وقال: (أي أخي، أشركنا في دعائك ولا تنسَنا)
فقال كلمة ما يسرني أن لي بها الدنيا. [الترمذي وابن ماجه]
.
عدم الدعاء بإثم أو قطيعة رحم
:
قال صلى الله عليه وسلم: (لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدْعُ بإثم أو قطيعة رحم) [مسلم]
.
ذكر الله وطاعته والعمل الصالح
:
فالتقوى والحرص على الطاعات، وهجر المعاصي والمنكرات، والإسراع بالتوبة كل
ذلك يجعل الدعاء أقرب إلى القبول. قال تعالى: {إنما يتقبل الله من
المتقين} [المائدة: 27].
ويروى عن رب العزة سبحانه أنه قال في الحديث القدسي: (من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين) [الترمذي]
.
الحرص على الرزق الحلال
:
فقد قال صلى الله عليه وسلم: (أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيبًا،
وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: {يا أيها الرسل كلوا من
الطيبات واعملوا صالحًا إني بما تعملون عليم} [المؤمنون: 51].
منقول