ايمن# مشرف
عدد المساهمات : 378 تاريخ التسجيل : 02/06/2009 العمر : 57
| موضوع: فراق الروح للجسد الإثنين 13 يوليو - 15:46 | |
|
الحمدُ لله رَبِّ العالمين، له النِّعْمَةُ وله الفَضْلُ وله الثَّناءُ الحَسَن، صلواتُ الله البَـرِّ الرَّحيمِ والملائكةِ المُقَرَّبينَ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ أَشْرَفِ المرسلينَ وعلى جميعِ إخوانه النبيينَ وعلى ءالهِ الطَّيِّبينَ الطَّاهرين.
أمَّا بعدُ، فقد قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم :"أَكْيَسُ النَّاسِ أكثرُهم ذِكْرًا للموتِ وأشدُّهم استعدادًا للموت" .. رواهُ الطَّبَرَانيُّ في (المعجمِ الكبير) .. أيْ أنَّ أعقلَ النَّاسِ مَنْ كانَ يستعدُّ لما ينفعُه بعدَ الموت، لأنَّ الدُّنيا دارُ مُرُورٍ والآخرةَ دارُ القَرار.
والنَّاسُ في الدُّنيا على ثلاثةِ أصناف: صِنْفٌ مُؤْمِنٌ تقيٌّ، وصِنْفٌ مُؤْمِنٌ أَدْرَكَتْهُ الوفاةُ وهو يرتكبُ كبائرَ الذُّنوب قبلَ أنْ يتوبَ منها، وصِنْفٌ كُفَّار.
الصِّنْفُ الأَوَّلُ هُمُ الذينَ قالَ الله فيهم {أَلَا إنَّ أولياءَ الله لا خَوْفٌ عليهِم ولا هم يحزنون} [يونُس/62].
وذلكَ أنَّ المسلمَ التَّقِيَّ الصَّالِحَ إذا حَضَرَتْهُ الوَفاةُ تأتيهِ ملائكةُ الرَّحمةِ فيبشِّرونهُ بالجَنَّةِ فيذهبُ عنه الخَوْفُ من الموتِ والقبرِ، ثمَّ بعدَ أنْ تُفارِقَ الرُّوحُ الجَسَدَ يكونُ الرُّوحُ مَعَ الملائكةِ ويُصْعَدُ بهِ إلى السَّماء السَّابعة. وبينَ الأرضِ والسَّماءِ ملائكةٌ يُبَشِّرُونَهُ فيسمعُ تبشيرَهم، وهكذا حتَّى يَصِلَ إلى السَّماءِ السَّابعةِ ثمَّ يُسَجَّلُ اسمُه في عِلِّيِّين. قال الله تعالى: {كَلَّا إنَّ كتابَ الأبرارِ لفي عِلِّيِّين. وما أدراكَ ما عِلِّيُّونَ. كتابٌ مَرْقُومٌ. يَشْهَدُهُ المُقَرَّبونَ}[المُطَفِّفُون].. ثمَّ بعدَما يُسَجَّلُ اسمُه في عِلِّيِّينَ تَنْزِلُ بهِ ملائكةُ الرَّحمةِ إلى حيثُ جَسَدُهُ من غيرِ أنْ يَدْخُلَ الرُّوحُ في الجَسَد. الرُّوحُ يبقَى إلى جانب الجَسَدِ يجاورُه. فإذا حُمِلَ الجَسَدُ إلى الدَّفْنِ نادى هذا الرُّوحُ من شِدَّةِ الفَرَحِ "قَدِّموني قَدِّموني". رُوحُ المُؤْمِنِ التَّقِيِّ من شِدَّةِ السُّرُورِ يقولُ للبَشَرِ الذينَ يحملونهُ إلى القبرِ قَدِّموني قَدِّموني، ولكنْ من حيثُ العادةُ لا يسمعون. يحبُّ أنْ يُعَجَّلَ بهِ إلى القبر. وفي القبرِ يعودُ الرُّوحُ إلى الجَسَدِ ويعودُ إلى الجَسَدِ الإحساسُ. فيسألُه المَلَكَانِ ويجيبُ بما فَتَحَ الله عليه، ثمَّ يقولانِ له:"نَمْ نَوْمَةَ العَرُوسِ الذي لا يوقظُه إلَّا أَحَبُّ أهلهِ إليه" .. فينام، ويُوَسَّعُ لهُ في قبرِه سبعينَ ذراعًا في سبعينَ ذراعًا، ويُفْتَحُ له بابٌ من الجَنَّةِ إلى قبرِه تأتيهِ منه رائحةُ الجَنَّةِ فلا يلقَى شيئًا يُنَغِّصُ راحتَه، بلْ يَكُونُ بحالةٍ لو عُرِضَ عليه أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنيا ويَكُونَ له الدُّنيا كُلُّهَا لا يُحِبُّ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنيا إلَّا الشَّهيدَ، شهيدَ المعركةِ، فإنه يُحِبُّ أنْ يَرْجِعَ إلى الدُّنيا فيُقْتَلَ مَرَّةً ثانيةً لِمَا يَرَى من كرامةِ الشَّهادة. وبعضُ الصَّالحينَ يُوَسَّعُ له قبرُه مَدَّ البصَرِ.
وأمَّا الصِّنْفُ الثَّاني، وهُمْ مَنْ يموتونَ من المسلمينَ وعليهم من كبائرِ الذُّنوب، فهم قِسمان: قِسْمٌ لا يصيبُهم في قبورِهم عذابٌ ولا نَكَدٌ وقِسْمٌ يصيبُهم نَكَدٌ. ومنْ جملةِ النَّكَدِ وَحْشَةُ القبرِ وظلمتُه وهَوامُّ الأرضِ، وبعضُهم يُعَذَّبونَ بضغطةِ القبرِ.
وأمَّا الكافرُ، وهو الصِّنْفُ الثَّالث، فإنَّ ملائكةَ العذاب يَحْضُرُونَهُ قبلَ خُرُوجِ رُوحهِ فيضرِبونهُ من أمامٍ ومن خلف، وهو يَشْعُرُ ومَنْ حَوْلَهُ لا يشعرون. قال الله تعالى: {فكيفَ إذا تَوَفَّتْهُمُ الملائكةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدبارَهم} [محمَّد/27]. وقال أيضًا: {ولو ترَى إذْ يَتَوَفَّى الذينَ كَفَرُوا الملائكةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدبارَهم وذُوقُوا عَذَابَ الحريق. ذلكَ بما قَدَّمَتْ أيدِيكُمْ وأنَّ الله ليسَ بظَلَّامٍ للعبيد} [الأَنفال/50/51].. ولا يستطيعُ أنْ يَصْرُخَ أو يُفْلِتَ من أيدِيهم لأنَّ أعصابَه لا تَعْمَلُ من شِدَّةِ أَلَمِ سَكَراتِ الموت، ثمَّ يُبَشِّرُونَهُ بعذاب الله. ثمَّ إذا خَرَجَتِ الرُّوحُ تَصْعَدُ ملائكةُ العَذَابِ به حتَّى يُنْتَهَى بهِ إلى السَّماءِ الأُولى، فلا يُفْتَحُ له بابُ السَّماء، فيُرَدُّ إلى الأرض.
يقولُ الله في سورةِ الأعراف: {إنَّ الذينَ كَذَّبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تُفَتَّحُ لهم أبوابُ السَّماء ولا يَدْخُلُونَ الجَنَّةَ حتَّى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِيَاطِ وكذلكَ نَجْزِي المجرِمين}..
إنَّ الكُفَّارَ لا يَتَمَكَّنُونَ في الدُّنيا ولا في الآخرةِ من دُخُولِ أيٍّ من السَّماواتِ السَّبْعِ حتَّى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخِياط.. والجَمَلُ هو الحبلُ الغليظُ الذي يُعْمَلُ للسُّفُن.. والخِياطُ، بكسرِ الخاء، والمِخْـيَطُ، بكسرِ الميم، الإبرة.. وسَمُّ الخِياط، بفتحِ السِّين، هو ثَقْبُ الإبرة.. ويَصِحُّ أنْ يُقالَ أيضًا سُمُّ الخِياطِ أي بضَمِّ السِّين.. معناه مستحيلٌ أنْ يَدْخُلَ الكُفَّارُ السَّماواتِ والجنَّة. فهم لا يتَمَكَّنُونَ من ذلكَ لا في الدُّنيا ولا في الآخرة..
وبعدما يُرَدُّ الكافرُ إلى الأرضِ تَنْزِلُ بهِ ملائكةُ العذاب من بابٍ في هذه الأرضِ حيثُ يَنْفُذُ إلى الأرضِ السَّابعةِ ويُسَجَّلُ اسمُه في ديوانِ الكُفَّارِ ثمَّ يَرُدُّونَهُ إلى هذه الأرض. قال الله تعالى: {كَلَّا إنَّ كتابَ الفُجَّارِ لفي سِجِّينٍ. وما أدراكَ ما سِجِّينٌ. كتابٌ مَرْقُومٌ} [المُطَفِّفين].. وبعدَما يُرَدُّ الرُّوحُ إلى الأرضِ حيثُ جَسَدُهُ، الرُّوحُ يبقَى إلى جانبِ الجَسَدِ يجاورُه من غيرِ أنْ يَحُلَّ فيه. فإذا حُمِلَ الجَسَدُ إلى الدَّفْنِ فإنَّ هذا الرُّوحَ من شِدَّةِ الخَوْفِ ممَّا ينتظرُه في القبرِ يقول: "يا ويلَها، أينَ تذهبونَ بها"، يعني رُوحَهُ. فإذا دُفِنَ يأتيهِ المَلَكَانِ، مُنْكَرٌ ونَكِير، فيسألانهِ، فيُضَيَّقُ عليهِ القبرُ حتَّى تختلفَ أضلاعُه. ثمَّ يبقَى في نَكَدٍ دائم.
ويستمرُّ العذابُ على الكافرِ في قبرِه بروحهِ وجَسَدِهِ إلى أنْ يبلى جَسَدُهُ ولا يبقَى منه إلَّا عَجْبُ الذَّنَب. فإذا بَلِيَ الجَسَدُ ولم يبقَ منه إلَّا هذا، أيْ عَجْبُ الذَّنَب، أَخَذَتْ ملائكةُ العذاب الرُّوحَ ونَزَلُوا بهِ إلى مكانٍ في الأرضِ السَّابعةِ يقالُ له سِجِّينٌ حيثُ تجتمعُ هناكَ أرواحُ الكُفَّارِ جميعِهم بعدَ بِلَى أجسادِهم في قبورِهم. وتبقَى الأَرواحُ هناكَ، في سِجِّينٍ، إلى أنْ يَبْعَثَ الله الموتى يومَ القيامة، أيْ إلى أنْ يَبْعَثَ الله مَنْ في القُبُور. فيُبْعَثُ هؤلاء الكُفَّارُ من قبورِهم بأرواحِهم وأَجْسَادِهِمُ التي أكَلَهَا التُّرابُ بعدَما تعودُ كما كانتْ. وأمَّا رُوحُ المؤمنِ التَّقِيِّ فإذا بَلِيَ جَسَدُهُ ولم يبقَ منه إلَّا عَجْبُ الذَّنَبِ، فإنَّ ملائكةَ الرَّحمةِ تَصْعَدُ برُوحهِ إلى الجَنَّةِ ليأكلَ من ثمارِها، لكنَّه لا يَسْكُنُ المكانَ الذي يسكنُه في الآخرَة. إنما هو في مُنْطَلَقٍ في الجَنَّةِ يعيش. يكونُ الرُّوحُ بشكلِ طائرٍ يأكلُ من ثمارِها. وكُلُّ هذا يكونُ قبلَ يومِ القيامة. قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنما نَسَمَةُ المؤمنِ طَيْرٌ يَعْلَقُ في شَجَرِ الجَنَّةِ حتى يُرْجِعَهُ الله إلى جَسَدِهِ يوم يَبْعَثُهُ" .. رواه الإمامُ مالكٌ في (الموطَّإ).. أيْ تَسْرَحُ في شَجَرِ الجَنَّةِ..
وقولُه عليه الصَّلاةُ والسَّلام : "حتى يُرْجِعَهُ الله إلى جَسَدِهِ يومَ يَبْعَثُهُ"، معناهُ يبقَى على هذه الحال إلى أنْ يَبْعَثَ الله مَنْ في القبور. فيُحْشَرُ، يومَ القيامةِ، برُوحهِ وجَسَدِهِ الذي أَكَلَهُ التُّرابُ بعدَما يعودُ كما كان ءامنًا مطمئنًّا ثمَّ يدخلُ الجَنَّةَ برُوحهِ وجَسَدِهِ ويتَبَوَّأُ مَكَانَهُ الذي أعدَّه الله له.
وأمَّا المسلمُ الفاسقُ غيرُ التَّقِيِّ فيُصْعَدُ برُوحهِ بعدَ بِلَى جَسَدِه في القبرِ بحيثُ لم يبقَ منه إلَّا ذلكَ العظمُ الصَّغيرُ، عَجْبُ الذَّنَب، فيكونُ مُسْتَقَرُّهُ هذا الفَراغُ الذي بينَ الأرضِ والسَّماء الأُولى، وبعضُهم يكونونَ داخلَ السَّماء الأُولى، وذلكَ إلى أنْ يُعِيدَ اللـهُ، يومَ القيامةِ، الجَسَدَ الذي أَكَلَهُ التُّرابُ كما كانَ ويُعيدَ الرُّوحَ إليه. والمسافةُ بينَ الأرضِ والسَّماء الأُولى مسيرةُ خَمْسِمِائَةِ سنة.
أكثرُ النَّاسِ، يومَ القيامة، يعودونَ كما كانوا أَوَّلَ ما خُلِقُوا، حُفَاةً عُراةً غُرْلًا، أيْ تعودُ القُلْفَةُ التي قُطِعَتْ عندَ الخِتَان. وأمَّا الأتقياءُ فيكونونَ كاسينَ راكبين. لا يُحْشَرُونَ على أقدامِهم. ثمَّ يبقَى النَّاسُ في الموقفِ إلى أنْ يُصْرَفَ بعضٌ إلى الجَنَّةِ وبعضٌ إلى النَّار. وهذه المُدَّةُ، مُدَّةُ الخُرُوجِ من القبرِ إلى استقرارِ النَّاسِ بعضِهم في الجَنَّةِ وبعضِهم في النَّار، قَدْرُ خمسينَ ألفَ سَنَة. لكنِ المؤمنُ التَّقِيُّ، الله تعالى يجعلُ عليه هذه المُدَّةَ الطَّوِيلَةَ أَخَفَّ من صلاةٍ فريضة. من شِدَّةِ ما مُلِئَ سُرُورًا لا يُحِسُّ بشيءٍ من النَّكَدِ. من شِدَّةِ ما استولى على قلبهِ الفَرَحُ هذه المُدَّةَ الطَّويلَةَ لا يُحِسُّ بها، لا يُحِسُّ بطُولِها.. والله أعلمُ وأحكم ..
والحمدُ للهِ رَبِّ العالَمين ..منقول--أخوكم ايمن
| |
|
*!* فــارس الكــلمـــة*!* المدير العام للمنتدى
عدد المساهمات : 13859 تاريخ التسجيل : 21/03/2009
| موضوع: رد: فراق الروح للجسد الإثنين 13 يوليو - 20:26 | |
| اللهم اجعلنا من الصنف الأول
الذي أرضاك وحظى برضاك بارك الله لنا بكم أخي الغالي أيمن موضوع جميل أخي الحبيب حفظك الله تعالى فارس | |
|
ايمن# مشرف
عدد المساهمات : 378 تاريخ التسجيل : 02/06/2009 العمر : 57
| موضوع: رد: فراق الروح للجسد الإثنين 13 يوليو - 20:41 | |
| اللهم آمين بارك الله بك اخي فارس اللهم تقبل دعاءنا واغفر لنا وارحمنا انك انت ارحم الراحمين
أيمن
| |
|
بدر الزمان غيث بستان جديد
عدد المساهمات : 255 تاريخ التسجيل : 18/05/2009
| موضوع: رد: فراق الروح للجسد الإثنين 13 يوليو - 22:00 | |
| اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين كل الشكر لك اخونا ايمن جهودك مشكوره اخوك بدر الزمان | |
|
ايمن# مشرف
عدد المساهمات : 378 تاريخ التسجيل : 02/06/2009 العمر : 57
| موضوع: رد: فراق الروح للجسد الإثنين 13 يوليو - 22:03 | |
| آمين يارب العالمين شكرا لمرورك الكريم اخي بدر الزمان
| |
|
الصقر المصري غيث بستان مروٍ
عدد المساهمات : 1264 تاريخ التسجيل : 29/04/2009
| موضوع: رد: فراق الروح للجسد الإثنين 20 يوليو - 20:04 | |
| | |
|
نبض الإيمان المديرة العامة للقطوف الإسلامية
عدد المساهمات : 803 تاريخ التسجيل : 30/03/2009
| موضوع: رد: فراق الروح للجسد الخميس 23 يوليو - 9:00 | |
| جزاك الله خيراً والحقك بصالحين
| |
|
حنين مشرف
عدد المساهمات : 707 تاريخ التسجيل : 19/05/2009 الموقع : بلاد الحرمين
| موضوع: رد: فراق الروح للجسد الخميس 30 يوليو - 9:19 | |
| | |
|
ايمن# مشرف
عدد المساهمات : 378 تاريخ التسجيل : 02/06/2009 العمر : 57
| موضوع: رد: فراق الروح للجسد الخميس 13 أغسطس - 17:41 | |
| نبض الايمان الصقر المصري حنين مشكورين اخوتي
| |
|
أناناس غيث بستان جديد
عدد المساهمات : 109 تاريخ التسجيل : 20/07/2009
| موضوع: رد: فراق الروح للجسد السبت 22 أغسطس - 20:19 | |
| | |
|