نبيل ذلك الطفل التوحدي

الرياض - د. فهد سعود اليحيى (استشاري الطب النفسي)

كان الطفل «نبيل» يخطو
في عامه الثالث من العمر مشرقاً مثل كل الأطفال الذين في عمره. وقبل أن
يكمل النصف الثاني بدأ والداه يلحظان تغيراً ما فيه. بدأ التغير بشكل
تدريجي ولكن بوتيرة متسارعة. قل كلامه، وبدأت حصيلته من الكلمات تقل وبدت
الصعوبة واضحة في تعلمه كلمات جديدة. ومن جهة أخرى بدأ ينسحب من النشاطات
الجماعية وكل ما يهتم به الجلوس ساعات طويلة عند التلفزيون وشرب المشروبات
الغازية غير مكترث بما حوله.عندما استمر الحال لبضعة أشهر أخذ الوالدان
يجوبون العيادات في مدينتهم من طبيب الأطفال إلى طبيب الأعصاب إلى طبيب
الأنف والأذن الحنجرة، ولم يدر بخلدهم أن يستشيروا طبيباً نفسياً.
وذا ت مساء كان الوالدان يشاهدان أحد البرامج في إحدى المحطات الأجنبية
دونما اكتراث كبير. ولكن عندما تطرق الحديث إلى الأطفال وكان يدور عن
اضطراب يحدث للأطفال الصغار ويتميز بخلل في النمو اللغوي والاجتماعي شدهم
أن العديد من الأعراض والمظاهر موجودة لدى طفلهم، وفي اليوم التالي ذهبا
إلى الطبيب النفساني وقالا إنهما يظنان أن ابنهما يشكو اضطراباً اسمه
بالإنجليزية (Autism
لقد كانا محقين فيما قالاه، فقد كان «نبيل»، يعاني اضطراب «التوحد»
Autismويسمى أيضاً الاضطراب التوحدي أو التوحد الطفولي. ويتميز هذا
الاضطراب بخلل كبير في النمو اللغوي والحس الجماعي والتواصل مع الآخرين.
ويجب أن يتم تشخيصه بدقة لسببين مهمين الأول أنه اضطراب شديد وعلاجه عسير،
والثاني وجود اضطرابات أخرى تتشابه مع أعراضه (وتختلف درجة شدتها كما يختلف
التوقع المستقبلي لاحتمالات علاجها). ولهذا وضع الدليل التشخيصي والإحصائي
الرابع للاضطرابات النفسية شروطاً صارمة للوصول إلى هذا التشخيص. ولسنا
بصدد سرد هذه الشروط فهي خارج مجال هذه المقالة، ولكن من المهم أن نذكر أهم
المظاهر والأعراض لهذا الاضطراب.
يتميز الاضطراب التوحدي بالانعزال عن باقي الأطفال والانطواء على الذات ومن
هنا جاء مصطلح «التوحد». فالطفل التوحدي ينزع إلى الأنشطة الفردية ويفتقد
إلى التلقائية المعروفة لدى الأطفال باتجاههم إلى بعضهم البعض، وبصعوبة
إقامة علاقات الصداقات مع الأقران التي يقوم بها من هم في سنه. ويصاحب هذا
الانطواء خلل كبير في الحصيلة اللغوية واستعمال الكلمات والتواصل اللفظي
دون أن يصحبه تعويض حركي عن نقص اللغة بالإيماء أو الإشارة ويستعمل كلمات
معينة بصورة متكررة وروتينية. ومقابل العزلة الاجتماعية يجنح الطفل التوحدي
إلى نشاطات فردية محدودة قد يبدو بعضها غريباً أو يكون محل الغرابة هو
تعلق الطفل بها رغم محدوديتها مثلما هي الحال مع «نبيل» الذي قنع من
النشاطات الحياتية بمشاهدة الرسوم المتحركة والمشروبات الغازية. وقد يكون
لدى الطفل التوحدي تعلق قوي وغريب ببعض الأشياء سواء كانت لعباً أو ملابس.
وإضافة إلى ما سبق قد يقوم الطفل بحركات غريبة رتيبة ومتكررة أو يطلق
أصواتاً غير مفهومة أو صرخات أو ضحكاً. وقد يكون التوحد مصحوباً بفرط
الحركة (سنتحدث عنه مستقبلاً إن شاء الله) كما أن ذكاء الطفل يتأثر فمعدل
الذكاء عند 30% من الأطفال التوحديين يقل عن 70 مما يضعهم في درجة التخلف
العقلي، وهذا التخلف ليس من خواص التوحد ولكن يبدو أن النمو العقلي يتوقف
عند تلك المرحلة العمرية أو يميل نموه إلى البطء نتيجة العزلة والانطواء
وعدم القدرة على الاستجابة مع المثيرات في الحياة اليومية.
ويعد هذا الاضطراب نادراً، إذ يقدر انتشاره بين 2 إلى 4 أطفال من كل 10000
طفل. كما أن نسبة انتشاره بين الذكور أكثر من الإناث بثلاثة أضعاف. ولا
تعرف العوامل المسببة لهذا الاضطراب، ولكن هناك العديد من الفرضيات ولكلٍّ
منها وزنها مثل أسباب وراثية أو خلقية (لها علاقة بالكروموسومات والجينات)
وبينت الدراسات على التوائم المتماثلين والتوائم غير المتماثلين أهمية هذا
العامل. أو عوامل بيولوجية لها علاقة بكيمياء الدماغ وتغيرات في أنسجة
الدماغ خصوصاً في نصفي المخ كما أظهرت عدد من الدراسات التي استخدم فيها
تصوير الدماغ بالرنين المغناطيسي. وهناك وزن لعوامل تختص بالحمل من إصابة
الأم بالحصبة الألمانية في أثناء الحمل أو تعرضها للأشعة والسموم ولعوامل
تختص بالولادة مثل صعوبات الولادة.
ومن المهم التفريق التشخيصي بين اضطراب التوحد وغيره من الاضطرابات
والأمراض. أحياناً قد يقدم الصمم أو أمراض السمع الشديدة المزمنة مظاهر
شبيهة بالتوحد ولذا فإن فحص السمع مهم جداً. وهناك أيضاً فصام الأطفال حيث
يكون شذوذ السلوك شبيهاً بالتوحد ولكن توجد فيه الأعراض الذهنية مثل
الهلاوس والضلالات. والتخلف العقلي المصحوب باضطراب في السلوك يتشابه مع
التوحد في اضطراب النمو اللغوي والسلوكيات الغريبة. وهناك اضطرابات خاصة
بالنمو اللغوي وقد تشبه ما يحدث في التوحد، بيد أن الطفل المصاب باضطراب
النمو اللغوي لا يصعب عليه التواصل والاتصال بغير اللغة. وهناك بعض أمراض
الدماغ والجهاز العصبي قد تؤدي إلى مظاهر شبيهة بما في التوحد. ويبقى أن من
أهم شروط تشخيص الاضطراب التوحدي هو حدوثه قبل اكتمال الثلاث سنوات الأولى
من العمر. إذ إن هناك ما يعرف بالذهان التفككي الذي يتميز بتدهور في
العلاقات الاجتماعية والكلام واللغة، ولكنه يظهر عادة بعد الثالثة من
العمر. ومن المهم هنا الإشارة إلى أمرين هما:
الأول: قد تكون هناك أعراض توحدية لدى الطفل ولكن كمية و كيفية هذه الأعراض
لا يصل إلى الحد الأدنى المطلوب لتوقيع تشخيص التوحد، وفي هذه الحالة لا
يكون الطفل توحدياً ولكنه أيضاً ليس سوياً. ولذا يوصف أو يشخص بوجود أعراض
توحدية وفرص العلاج هنا أكثر منها في التوحد.
والثاني: هناك اضطراب يعرف باضطراب «اسبيرجر» نسبة إلى مكتشفه وواصفه وأهم
مظاهر هذا الاضطراب الخلل الكبير في التفاعل الاجتماعي لدى الطفل مثل ذلك
الذي يحدث في التوحد. وما يفرقه عن التوحد هو عدم وجود الخلل الكبير في
النمو اللغوي، ويظهر هذا الاضطراب بعد سن الثالثة من العمر والنتائج
العلاجية له أفضل من حالة التوحد.
وعلاج اضطراب التوحد غير ميسور حتى الآن وإن كانت توجد مراكز متخصصة في
الدول المتقدمة وتقدم برنامجاً علاجياً متكاملاً وطويل الأمد. ويتكون
العلاج من تقديم المشورة والإرشاد النفسي والدعم المعنوي للوالدين، وتعليم
خاص متخصص جداً؛ لأن تعليم هؤلاء الأطفال في المدارس العامة مستحيل، وبرامج
لتعديل السلوك وتطوير اللغة والمخاطبة. وفي بعض الأحيان تستخدم بعض
العقاقير المساعدة على ضبط السلوك.
وبحسب علمي لا يتوفر مركز متخصص في المملكة العربية السعودية لمعالجة
الأطفال التوحديين، ولكن الجمعية الفيصلية في جدة تقوم بجهود رائدة في مجال
تقديم الرعاية والعلاج للأطفال التوحديين وتعقد الدورات للاختصاصيين
الاجتماعيين والنفسيين والتربويين وغيرهم ممن لهم علاقة بعلاج التوحد،
وتستقدم متحدثين وخبراء من الخارج كما تتعامل مع عدة مراكز متخصصة في
أوروبا وأمريكا.
ومع أن هذا الاضطراب يعد نادراً إلا أنه من المتوقع -إحصائياً- أن نجد بين
كل مليون طفل ما يتراوح بين 200 إلى 400 طفل توحدي ويزيد العدد كثيراً إذا
أدخلنا الاضطرابات الشبيهة والصور غير المكتملة (الأطفال ذوي الأعراض
التوحدية ) في الحساب

منقول

بارك الله فيك

أنرت أخي الفاضل الصقر المصري
شكراً لتواجدكم العذب
لا عدمته
فارس

هو اضطراب توحدي

وقد اصبح ينتشر بطريقة سريعه جدا

كانه وباء ينتشر بالهواء

نتمنى من الله ان يجدو العلاج الشافي لهذا الاضطراب وان يقضوا على انتشاره

كل الشكر لك مديرنا فارس الكلمه

على هذا الموضوع الشيق

» مشاعر الطفل التوحدي....؟
» كيف يفكر الطفل التوحدي
» صرير الاسنان لدى الطفل التوحدي .
» الطفل التوحدي..تواصل،تفاعل،فهم
» كيف يتخلص الطفل التوحدي من مشاهدة التلفاز ؟