الحمد لله القائل : ) .. وبشر الصابرين ` الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ( ثم ذكر الجزاء والأجر ) أولئِك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئِك هم المهتدون ( والصلاة والسلام على رسول الله محمد القائل : ( ما أعطي أحد عطاءً خيراً وأوسع من الصبر ) وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .. أما بعد :
فهذه وقفات يسيرة ، ومهدئات ومسكنات قوية فريدة ، أحببت أن أسطرها لأصحاب العجز البدني والإصابات ، رغبة وطمعاً في الأجر العظيم ، وحباً ومساندةً لأهل الهمم والعزائم منهم أجمعين . إن ما ابتلاك الله به ليس حاجزاً ولا مانعاً ولا عائقاً عن التفوق والإبداع والسير بالهمة نحو القمة والمجد والحصول على أعلى المراتب في العلم والجاه لأن هذا لا يحتاج إلى قوة بدنية فقط بقدر ما يحتاج إلى قوة في الإيمان وعزيمة في الجنان .
فإن المشمرون من هؤلاء يستطيعون بإيمانهم وأفكارهم وتجاربهم وإراداتهم القوية نحو المجد التغلب على الضعف البدني حتى يتولد من هذا الضعف الجزئي قوة ومن الهم عزيمة وعمل . ولهذا ترى الكثير من هؤلاء يتميزون عن غيرهم ممن هم مثلهم حتى أنك ترى من تميز بكثير من الأمور والأعمال والمناشط عن أقرانهم الأصحاء والتاريخ الماضي والحاضر شاهد بذلك .
قبل أن أسوق بعض المهدئات والمسكنات أحب أن أبين بعض المصطلحات الهامة ومنها :
الإعاقة الحقيقية : هي إعاقة الروح وموت الطموح .
المعاق : هو معاق الدين والاستقامة والفكر والقلب .
العاجز : هو من عجز عن تطوير نفسه بما يتوافق مع أصول دينه , أو عجز عن خدمة دينه ومجتمعه مع كثرة الإمكانيات وتوفرها .
وبعد هذا أسوق بعض المهدئات والمسكنات :
1 – الإيمان بأن ما أصابك هو من عند الله لأن هذا يحقق لك السعادة والرضا بقضاء الله وقدره وأنت تعلم أن الإيمان بالقضاء والقدر أحد أركان الإيمان الستة كما في صحيح مسلم من حديث عمر رضي الله عنه .
2 – كن صبوراً .. فالصبر باب عظيم وواسع ودليل على قوة الإيمان بالله تعالى ، والصبر في كتاب الله في تسعين موضعاً أو أكثر كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى . واعلم أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجثمان فتنبه !
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إن صبرت جرت عليك المقادير وأنت مأجور ، وإن جزعت جرت عليك المقادير وأنت مأزور . وتذكر دائماً أن الله مع الصابرين ، وأنه يوفيهم أجرهم بغير حساب ، وكذلك يحبهم وهو ملك الملوك فهنيئاً للصابر الشاكر .
3 – تذكر الأجر المكتسب بالصبر وافرح به : قال الله تعالى عن الصابرين : ) .. وبشر الصابرين ` الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ` أولئِك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئِك هم المهتدون ( .
قال العلامة ابن سعدي رحمه الله في تفسيره :
قوله تعالى : ) وبشر الصابرين ( أي بشرهم بأنهم يوفون أجرهم بغير حساب فالصابرون هم الذين فازوا بالبشارة العظيمة ، والمنحة الجسيمة . ثم وصفهم بقوله : ) الذين إذا أصابتهم مصيبة ( وهي كل ما يؤلم القلب ، أو البدن ، أو كليهما .. ) قالوا إنا لله ( أي : مملوكون لله ، مدبرون تحت أمره وتصريفه .. ومع أننا مملوكون لله ، فإنا إليه راجعون يوم المعاد فمجاز كل عامل بعمله .. ) أولئِك ( الموصوفون بالصبر المذكور )عليهم صلوات من ربهم ( أي ثناء وتنويه بحالهم ) ورحمة ( عظيمة ، ومن رحمته إياهم ، أن وفقهم للصبر الذي ينالون به كمال الأجر . ) وأولئِك هم المهتدون ( الذين عرفوا الحق – وهو في هذا الموضع علمهم بأنهم لله ، وأنهم إليه راجعون – وعملوا به ، وهو هنا صبرهم لله .. انتهى .
وقال النبي e : ( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولاغم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من سيئاته ) رواه البخاري ومسلم . وقال النبي e : ( لايزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطية ٌ ) رواه البخاري . وقال النبي e : ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن ) رواه مسلم .
قال سماحة الشيخ العلامة ابن باز رحمه الله :
فالصابر له العاقبة الحميدة في الدنيا والآخرة أو له الجنة والكرامة في الآخرة إذا صبر على تقوى الله سبحانه وطاعته وصبر على ما ابتلي به من شظف العيش والفاقة والفقر والمرض ونحو ذلك .
4 – تذكر من هو أشد منك عجزاً وأكثر منك جداً وعملاً : إنك عندما تتذكر من هو أشد منك عجزاً وعوقاً فإنك بلا شك تحمد الله تعالى وتشكره على ما وهبك من النعم التي حرم منها غيرك فالنعم إن شكرت قرت وإن كفرت فرت . قال الله تعالى : ) لأن شكرتم لأزيدنكم ولأن كفرتم إن عذابي لشديد ( .
ولازلت أذكر ذلك الرجل الذي لايتحرك من جسمه إلا رجليه وهو مع ذلك يعمل في إصلاح الساعات بأصابع قدميه وترى عليه الرضا والسعادة وحب العمل والكسب الحلال بعيداً أشد البعد عن اليأس والكسل . وهذا هو حال الصابرين العاملين ممن قاوموا العجز وحولوا الهم والفكرة إلى عمل وقدرة . أفلا تقتد بهم وتبدأ العمل من الآن بكل عزيمة وإرادة متوكلاً على الله ومتمتعاً بالنعم من حولك من تقنيات ووسائل حديثة .. فالأمة بحاجة إليك .
ومن تكن العلياء همة نفسه ........ فكل الذي يلقاه فيها محبب
وقبل الختام أحب أن أذكر ثلاث نماذج من التاريخ سطرت أسماؤهم بمداد من ذهب وسقتها باختصار :
1 – الصحابي الجليل عمرو بن الجموح رضي الله عنه : الذي استشهد في معركة أحد وكان في ساقه عرجاً شديداً مما يجعله غير صالح للاشتراك في قتال ولكنه ذو همة عالية فقال للنبي e : ( والله إني لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه الجنة ) فرزقه الله الشهادة .
2 – الأحنف بن قيس رحمه الله : وهو الذي ضرب به المثل في الحلم والورع كما ضرب المثل في الذكاء بالقاضي إياس فكانوا يقولون : ( في حلم أحنف وذكاء إياس ) وكان في رجليه اعوجاج وكان ملتصق الفخذين فشق ما بينهما وكان أعرجاً قصير القامة .
3 – عطاء بن أبي رباح رحمه الله : من كبراء التابعين وهو مفتي مكة في زمانه وكان رحمه الله أسود أعور أفطس أشل أعرج ثم عمي ، وكان فقيهاً عالماً محدثاً ، وكان إذا سئل ابن عباس رضي الله عنهما مسألة قال : يا أهل مكة تجتمعون عليّ وعندكم عطاء .
فهذه ثلاث نماذج مختصرة أحببت الاستشهاد بها على الجد والعمل وإلا فغيرهم كثير ، بل حتى في حاضرنا المعاصر من النماذج الفريدة من نوعها الذين صنعوا وألفوا وعملوا وقاموا بخدمة دينهم ووطنهم الشيء الكثير .
في الختام أسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين وأن يعلي هممهم لخدمة دينهم ومجتمعهم ، وأستغفر الله تعالى والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
( حقوق الطبع والنقل لكل مسلم بشرط ذكر اسم الكاتب والله المسؤول )
بقلم الأستاذ أحمد بن إبراهيم الحمر معلم تربية خاصة القصيم - بريدة
قبل كل شيئ ((اتمنى هذا الموضوع يثبت)) ليبقى مرجعاً لمن أراد مسكنات
كلمات قوية وعبارات تهز النفوس وتقويها
اقوى مهدئات بل هي العلاج لنفوس كنا هنا نستقي من الزاد القوي قلم الإيمان وحبره يخط لنا
اول مواضيعك وهي تصف مدى قوة قلمك
نتمنى ان لايقف هذا القلم عند حد معين بل نريد المزيد لتهدئت تلك النفوس
اخي معلم التربية الفكرية نرحب بك اولاً في منتديات بستان حياك الله بين أخوانك وأخواتك
ترحيب خاص لأن الفئات هنا بحاجة لاقلامكم نشكرك ونسأل الله ان يبارك فيك وينفع بما تقدمه لتلك الفئة التي يسمونهم ذوي الإحتياجات الخاصة وانا اسميهم ذوي التحديات الخاصة
فما سطرت أخي الكريم يعد علاجاً فعالاً و كما تفضلت الإعاقة هي إعاقة الروح وموت الطموح و عن أحبائنا فأكاد أجزم أنهم حتى لا يلتفتون إلى تلك الكلمة لا معنىً و لا لفظا فكل يوم يثبتون لنا أنهم لها في أكثر من مجال كلمة تعلمنا معناها على أيديهم و هي التحدي و كذلك إثبات الذات والحضور
كم أثبتوا لنا أنه علينا نحن أن نعيد صياغة حروف كلمة إعاقة من جديد فالعاجز من عجز عن القيام بعمل مفيد و كم من أناس قد أنعم الله عليهم بنعمة العافية و سلامة الحواس فلا قدموا شيئاً و لا أخروا
نعم أخي الكريم أما عن طرحك لتلك المسكنات و التي أؤكد على تسميتها بالعلاج الشافي فنسأل الله تبارك و تعالى أن يصلح لك النية و الذرية و أن يوفقك و يسدد خطاك لما فيه كل خير إنه ولي ذلك و القادر عليه
أثابك الله أخي الكريم على ما طرحت و نسأل الله لك بكل حرف فيما ذكرت حسنة و مرحباً بك غيثاً كريماً خيراً غدقاً في منتديات بستان و نفعنا بك الله بإذنه
كن صبوراً .. فالصبر باب عظيم وواسع ودليل على قوة الإيمان بالله تعالى ، والصبر في كتاب الله في تسعين موضعاً أو أكثر كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى . واعلم أن الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجثمان فتنبه !
هي مقويات ومهدئات من عند الرحمن
اثابك الله وايانا اخي
معلم التربية الفكريه
جزاك الله كل خير
تحياتي لك ..
ساعة الغسق غيث بستان جديد
عدد المساهمات : 174 تاريخ التسجيل : 20/07/2009
موضوع: رد: مهدئات ومسكنات لأصحاب العجز البدني والإصابات الجمعة 9 أبريل - 15:55
مشكور اخي و الله موضوع رائع سلمت يمينك
*!* فــارس الكــلمـــة*!* المدير العام للمنتدى
عدد المساهمات : 13859 تاريخ التسجيل : 21/03/2009
موضوع: رد: مهدئات ومسكنات لأصحاب العجز البدني والإصابات الجمعة 9 أبريل - 19:25
أخي الفاضل
معلم التربية الفكرية بحق سلمت يمينك على ذاك الموضوع الرائع و أعتقد بردود الأعضاء و الحماس الذي رأيته هنا بخلاف دخولي أكثر من مرة لقراءة موضوعك الجميل
أعتقد أخي أنه لم تكن ردوداً فقط بل كان استفتاء عام على روعة قلمك و تمكنك النادر منه فاسمح لي أخي الكريم
{*{بتثبيت الموضوع لروعة الفحوى و جمال الفائدة}*}
سائلين المولى عز و جل أن يوفقك و يسدد على الدرب خطاك و بانتظار جديدك الراقي دائماً