من دود الحرير الى عسل النحل
ربما يكون حلم اى شخص يريد التطور و التفوق و الحصول على درجة فى العلم و منصب اجتماعي مرموق و هو فى ظروف عائلية و اجتماعية غير مناسبة فعليه ان يفكر كثيرا و يبذل أقصى جهد عنده للوصول الى ما يحب و يرغب. و من الأفكار القديمة و التى يمكن ان تستثمر وقت و جهد الشباب و الكبار و الصغار فى كل عصر و اوان وهو مشروع تربية دود القز او كما يسمونه دود الحرير ولان الحرير الطبيعي غالى الثمن و صعب الحصول عليه ولذلك كان من الأهمية ان افكر فى هذا المشروع الجيد و الهام و الوطني فى نفس الوقت لانه يحقق الاكتفاء الذاتى و يصدر الباقى الى دول العالم المختلفة و لان الكثير من البلدان لا يتوفر عندها البيئة المناسبة ولا الظروف المعيشية للدود و لا شجر التوت الذى يتغذى عليه الدود و خاصة الأوراق.
سبب الفكرة
عندما كنت صغيرا فى المرحلة الابتدائية و لا استطيع شراء اى شيء كنت ارى الأولاد و ربما البنات أيضا يشترون الدود من احد الأشخاص خارج المدرسة و يقومون بتربيته فى البيت مع بعض اوراق التوت من الأشجار القريبة من الحى او المنطقة و يكبر الدود و تعمل كل دودة كرة من الحرير تسمى الشرنقة و كانت امنية اى تلميذ صغير فى بيئة عادية ان يقوم بهذا العمل اذا توفرت الظروف او عندما تكون لديه القدرة المادية او المكان او الرغبة فى عمل مفيد يعود عليه بالنفع اذا امتهن هذه المهنة فى المستقبل حسب ظروف كل فرد.
خطوات العمل
فكرت و انا فى سن الشباب و انا اقدر على معظم هذه الظروف ان أخوض التجربة حتى و لو على نطاق ضيق لمحالة معرفة الى اى حد يمكن الاستفادة من هذا المشروع الذى سمعت و قرأت عنه كثيرا و جاء الوقت للتجربة و حسب المقدرة أيضا و الظروف المتاحة و سالت عن مصدر الدود فى البداية و علمت انه يباع فى مديرية الزراعة فى البلدة او المدينة و ذهبت و اشتريت علبه و بها عشرون الف من البيض الخاص بالدود و عرفت كيف اتعامل معه حتى يفقس و تخرج منه الديدان الصغيرة و تزويدها باوراق التوت و كلما زاد فى العمر ازاداد شراهة فى الأكل و الطلب الاكثر على ورق التوت الذى لم يكن سهلا الحصول عليه الا بعد تعب و مشقة و كنت ابحث عنه فى كل مكان فى البلدة او القرى المحيطة و لذلك بعد ان اخرج من عملى بعد الظهر و ارجع الى البيت لأتناول الغذاء ثم ابدأ مرحلة البحث و الحصول على اوراق التوت و العودة لفرش هذه الأوراق على أرفف صنعتها لتفريق الأعداد الكبيرة عن بعضها لانها تزداد فى الحجم يوم بعد يوم ويزداد الطلب على الطعام و بالتالي مزيد من البحث و الاحتياج الى وقت أطول و بحث اكثر تعبا و عندما يزيد اكثر فى الحجم يحتاج الى مكان اكبر و اعمل رفوف أكثر لان العشرون الف من الدود تحتاج الى عشرين رف على الأقل و فى المرحلة الخاصة بعمل الشرانق ( كرات الحرير) و اول مرة لم أكن ادرك كيف أتعامل مع هذا العدد الكبير و تركت البيض مدة ليست بطويلة عندما شاهدت ان الفراش يخرج من تلك الشرانق ليأخذ أماكن مختلفة من الرفوف و أخذت كل منهن موقعا مناسبا لها لكى تضع البيض من كل الألوان و لكن الحجم الى حد ما لا يختلف كثيرا عن بعضهم البعض و بهذه المرحلة كانت هناك خسارة لانه من الضروري القضاء على الفراشات داخل الشرانق حتى نحصل على الشرانق سليمة بدون تمزيق من الفراشات الداخلية و بعد القضاء على الفراشات سواء عن طريق الحرارة الشديدة او بعض المواد الكيميائية التى تدخل فى هذا المشروع لتحقيق الغرض المطلوب و طبعا كان هناك بعض السلبيات التى تواجه اى مشروع و حاولت بقدر المستطاع ان أواصل العمل و بمساعدة الأشخاص استطعت الحصول على كمية معقولة من شرانق الحرير وسالت على المركز الذى يمكن ان يقبل شراء هذه الكمية التى ليست بكبيرة و لكنها تجربة بكل المقاييس و التى تساعد اى فرد بعد ذلك ان يحدد ماذا يفعل و ما يحتاج اليه بالفعل من مال و مكان و وقت و جهد و من حسن الحظ انه هناك اكثر من مكان لذلك و من هذه الأماكن مركز تجميع الحرير الخام هى مديريات الزراعة فى المحافظات و تقوم لجنة بتقدير الثمن المناسب لكل فئة و كل كمية اعتمادا على الجودة و النظافة والتى لها دور كبير فى الثمن العالى و لكن فى حالتى وصلت يوم التسعير متأخرا حتى لم اجد احد من القائمين بالعمل و طلبت من احد الموجودين ان يعرفنى مكان التجار حتى لو فى أماكنهم وبلادهم و عرفت ان احدهم فى مدينة شبين القناطر فى المنوفية و الأخر فى بلد مجاورة و ذهبت الى هناك لكى أبيع هذا النوع من الإنتاج الذى يمكن ان يجعل اى شخص مليونير و لكن اذا اتبع الشروط المطلوبة و المناسبة فى اداء هذا العمل و فى الأوقات المناسبة و عندئذ يكون الناتج واضح و ملحوظ. و عندما وصلت اخذ منى هذه الكمية و تمنى ان تكون اكثر من ذلك و أخذت النقود و اعرف ان المبلغ هو إضعاف المبلغ الذى دفعته فى البداية و لكن المقابل هو العمل و الجهد و الى اى شاب او عاطل عليه ان يبحث عن العمل او التفكير فى عمل لان فى النهاية سيجد ان شاء الله ثمرة جهده و عمله اينما كان و فى اى وقت يريده الله سبحانه و تعالى لذلك علينا السعى و على الله قصد السبيل.
و بالمناسبة المبلغ المدفوع وقتها هو خمس و عشرين جنيها و ما حصلت عليه من كمية الشرانق التى كانت تقاس بالعبوة الكبيرة وصل المبلغ الى 450 جنيها و المدة التى استغرقها المشروع من 10 ابريل الى 20 مايو من كل عام و اعتقد انه فى حالة وجود بيئة مجهزة افضل و خبرة اكثر و ارادة اقوى يمكن ان يكون العائد اوفر و افيد و أروع.
احمد