بعد أن اقتحمت عالم الصمت واكتشافها للقدرات الهائلة التي منحها الله -عز وجل- للصم
والبكم، استطاعت الفتاة المصرية مروة إبراهيم أن تبدأ معهم مشروعا لصناعة الملابس،
كي تمكنهم من كسب لقمة العيش، ومواجهة البطالة التي يعاني منها أغلب هذه الفئة، على
أمل أن تحقق معهم حلمها في إنشاء مصنع لملابس الأطفال ينافس في إنتاجه المصانع العالمية.
مروة البالغة من العمر 23 عاما تؤمن بأن لكل معاق لغة تفاهم خاصة به يمكن لمن أدركها أن
يحقق معه النجاح، وينتج ربما أفضل من أقرانه الأصحاء؛ لأنه في حاجة إلى أن يثبت نفسه أمام المجتمع الذي غالبا لا يلتفت إلى قدراته
فقد شاءت حكمة الله أن تجد مروة نفسها في بيت يغرس قيم التعامل بأسلوب راقٍ مع الإنسان المعاق
واكتشاف قدراته الداخلية، والنظر إليه باعتباره إنسانا عاديا يستطيع أن ينتج وأن يقدم الكثير لنفسه
والمحيطين به والمجتمع، وهو ما بدا واضحا في التعامل مع شقيقتها الكبرى المصابة بشلل الأطفال.
وتروي مروة كيف كانت أسرتها تتعامل مع ابنتهم الكبرى على أنها إنسانة عادية لا ينقصها شيء،
وتوكل لها بعض المهام، وفي ذات الوقت توفر لها المساعدة دون أن تطلبها.
العمل التطوعي
هذه الظروف الأسرية كانت الدافع الأكبر لمروة كي تخطو بقدميها على طريق العمل التطوعي قبل حوالي 4 أعوام،
عندما أخبرها أخوها -الذي كان يشترك في نشاط دروس التقوية المجانية في جمعية “رسالة” الخيرية- عن أنشطة
الجمعية، لتقرر هي الالتحاق بنشاط رعاية الأيتام، إلا أن ظروف الدراسة ثم العمل لم تمكنها من الاستمرار في هذا النشاط لفترة طويلة.
لكن مروة وجدت ضالّتها مجددا في ورقةٍ داخل الجمعية تطلب المساهمة في توفير عمل لفئة الصم والبكم، فسارعت
إلى شراء ماكينة خياطة لتعليم هؤلاء حرفة تمكنهم من كسب قوتهم بأيديهم، مستغلة دراستها وخبراتها في هذا المجال؛
نظرا لتخرجها من قسم الخياطة والتفصيل بأحد المعاهد الفنية.
وتؤكد مروة أنها أحيانا تقف منبهرة بإمكانيات الصم والبكم الذين تتعامل معهم الآن، قائلة “تمكنوا في فترة قليلة
من تقفيل (الانتهاء من تصميم) تي شرتات بجودة عالية جدا، كنت أنا شخصيا لا أستطيع إنتاجها على رغم دراستي وخبرتي الطويلة”.
ولم تكتفِ مروة بذلك؛ بل حاولت إقناع أشقائها المتخصصين في توريد “الزي الموحد” إلى المدارس
والمطاعم بتسويق منتجات الصم والبكم، وإيجاد فرصة عمل لهم من خلال علاقاتهم المتعددة مع أصحاب الأعمال.
واتفقت مروة مع أشقائها أيضا على تأسيس مصنع قريبا يعتمد في بدايته على الصم والبكم ثم كل أصحاب
الإعاقة لإنتاج ملابس أطفال بمستوى .
منقول