موضوع: أيها الأصدقاء تعالوا نختلف!!! الخميس 18 نوفمبر - 2:33
قرأت قبل يومين كتاب (أيها الأصدقاء تعالوا نختلف) والذي هو عبارة عن نظرة إسلامية في فقه الائتلاف فوجدت فيه الكثير من الحكم والعبر والمعاني القيمة التي لابد وأن أنقلها للجميع لتعم الفائدة.
يتضمن الكتاب- والذي يقع في 245 صفحة – 43 مقالة تعالج مجموعة من الأفكار تتضمن نظرة تاريخية تسلط الضوء على واقع العلماء والمسلمين في تدارس العلوم الإسلامية والخلافات التي تقع في هذا المجال منذ عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم حتى عهود ازدهار العلم وتعدد المذاهب و كثرة الخلافات الفقهية وقد أكد الكاتب على أن هذه الخلافات كانت لا تخرج عن مضمار العلم و لم تكن في يوم من الأيام سبب للقطيعة أو البغض بل على العكس كان العلماء يتصافحون عند انتهاء المجلس ويسألون الله أن يظهر الحق على لسان أعلمهم. مما يجعل خلافتنا في توافه الأمور أمر لا معنى له.
* الخلاصة العامة *: 1- أن الاختلاف هو جزء من الطبيعة البشرية ولا يمكن جمع الناس على رأي واحد بأي حال من الأحوال حيث لم تنجح هذه المحاولة ولا مرة واحدة في التاريخ!!!
2- ضرورة احترام الآخرين واحترام أرائهم ونقدهم لأفكارهم لا لشخوصهم.
3- الالتزام بأدبيات الحوار والجدل ونبذ الهوى والتحيز وتوجيه النقد البناء الذي يرفع المرء عند الله أولا ثم عند نفسه ثم عند العقلاء من الناس أما سواهم فلا يلتفت إليهم.
قال تعالى: (( فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم و شاورهم في الأمر)))
4-ضرورة بث روح المحبة والأخوة بين المسلمين وحتى في حالة اختلافهم لان الاختلاف أمر طبيعي.
5- الدعوة إلى إتباع السنة والأخذ بالمنبع الصفي وبالقدوة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم والذي كان لا يستأثر بالرأي بل يرحب ويتقبل أراء الصحابة ليشكل بذلك القائد القدوة الذي يأخذ بمشورة من حوله وإن كان أعلمهم وأفضلهم.
6- قبل أن نختلف لابد وأن نرى الأمور من الزاوية التي ينظر بها الآخرون فربما أظهر الله الحق على ألسنتهم.
7- ليس من العيب الخطأ ولكن من أكبر العيوب المكابرة والأخذ بمبدأ(ما أريكم إلا ما أرى) ففي سورة غافر يقص القران الكريم طرفا من قصة موسى عليه السلام مع فرعون وفيها قوله ( ....ذروني أقتل موسى وليدع ربه...) وردَُ مؤمنِ آل فرعون : ( ... أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله...) و جواب فرعون (........ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم الإ سبيل الرشاد) ويذكر الكاتب بأن هذا هو موقف أكثر الطغاة الجبابرة في كل عصر فهم يرون أن الحق معهم وأن من يخالفهم يخالف الحق . والأمر لابد وأن يختلف مع المؤمن لأنه هين لين صاحب نظرة ثاقبة وعميقة.
8- ضرورة الصلح بين المتخاصمين وعدم رفع وتيرة الخلاف بينهم حيث أباح العلماء الكذب في سبيل الإصلاح ونشر المودة.
9- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لا تحاسدوا ، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا ، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عبدا الله إخواناً. المسلم أخو المسلم؛ لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يكذبه، و لا يحقره . التقوى هاهنا ( و يشير إلى صدره ثلاث مرات). بحسب امرئ من الشر أن يحقره أخاه المسلم. كل المسلم حرام: دمه، وماله وعرضه)
10- قال عمر بن الخطاب: (( لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المسلم سوءاً وأنت تجدُ لها في الخير محملا)) وفي هذا المعنى يقول محمد بن سيرين (( إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذراً . فإن لم تجد فقل: لعلَ له عذراً)) وهذا كله مقتبس من التوجيه القرآني الأرشد، فقد جاء الحديث عن قصة الإفك والكذب والبهتان الذي رميت به الصديقة المطهرة بنتُ الصديق رضي الله عنهما، و جاء في سورة النور قوله تعالى: (( لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيراً وقالوا هذا إفك مبين))
هل سنقدم الأعذار للآخرين بعد أن علمنا بهذا التوجيه العظيم؟؟
11- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم(( من اعتذر إليه أخوه بمعذرة فلم يقبلها كان عليه من الخطيئة مثلُ صاحب مكس))
قال ابن الأثير في كتابه : (( النهاية في غريب الحديث والأثر)): المكس: الضريبة التي يأخذها الماكس. وهو – كما قال الفتَني في كتابه ((مجمع بحار الأنوار)) : من ينقص من حقوق المساكين ولا يعطيها بتمامها.
و هل نقبل أن نكون كصاحب مكس؟؟
يقول الكاتب : وبعد فإن إحسان الظن بالناس، والتماس الأعذار لهم، وقبول الاعتذار منهم، وسلامة الصدر عليهم من أهم العوامل التي تؤدي إلى ائتلاف القلوب، وتوحيد الصفوف، واجتماع الكلمة، وتضافر الجهود، وما يوافق إلى ذلك إلا ذو حظ عظيم.
12- من أجمل الصفات التي ولابد وأن نتحلى بها المذكورة في قوله تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذله على المؤمنين أعزة على الكافرين)) أذلة على المؤمنين هي صفة مأخوذة من الطواعية واليسر واللين فالمؤمن ذلول للمؤمن ، غير عصيَ عليه ولا صعب ،هيَن ليَن سمحٌ ودود.
(( وما في ذلة للمؤمنين من مذلة ولا مهانة، إنما هي الأخوة ، ترفع الحواجز، وتزيل التكلف،وتخلط النفس بالنفس، فلا يبقى فيها ما يستعصى، وما يحتجز دون الآخرين))
قال إبن كثير رحمه الله في تفسيره(( هذه هي صفات المؤمنين الكُمل؛ أن يكون أحدكم متواضع لأخيه ووليه..))
وقال الفخر الرازي(( ليس المراد بكونهم أذلة أنهم مهانون، بل المراد المبالغة في وصفهم بالرفق ولين الجانب))
13- (( ما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد، كظمها عبد لله إلا ملأ جوفه بالإيمان)))
((ثلاثة أقسم عليهن: ما نقص مال من صدقة، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزة ، ومن تواضع لله رفعه))
فهل سنتفق من الآن على كظم الغيظ طمعا في كمال الإيمان؟؟
14- لابد وأن نضع التوجيه القرآني الحكيم تصب أعيننا قال تعالى((( فما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم و شاورهم في الأمر)))
كما تناول الكاتب الكثير من الأمثلة الفقهية توضح مبدأ الخلاف والاختلاف بين العلماء ف ي أمور الدين وأحببت تلخيص الجوانب التي تحاكي واقعنا كأخوة وزملاء وأصدقاء .
قال تعالى " ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة وما يزالون مختلفين "
فى القرن الماضى حاول اثنين من الناس هما كارل ماركس و فريدريك انجلز الغاء فكرة الاختلاف و انشاء ما سموه الفلسفة الماركسية وهى نواة ما عرف بالشيوعية .. و بالفعل نجحت هذه الفلسفة فى جذب كثير من الناس اليها و انتشرت انتشارا سريعا و كبيرا ..ثم بعد مرور سبعون عاما تقريبا على تطبيق الشيوعية انهارت من نفسها وكفر بفكر الماركسية كل من كان يعتقد فى انها تحقق عدم اختلاف الناس .