بسم الله الرحمن الرحيم
الشعب يريد .. أكل الطعام ...!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ؛؛؛
ترفع الشعوب العربية شعار " الشعب يريد إسقاط النظام " ، ولكن حقيقة شعارها هو " الشعب يريد أكل الطعام " ، والدلائل على ذلك كثيرة جداً ، فالشعوب العربية تعاني من جوعٍ مدقع هو الذي أخرجها للشارع ، وقد يصبر الإنسان على انتهاك عرضه ، قد يحتسب ذلك عند الله ، أو ليس له قدره ، وقد يصبر على شتم دينه ، وربما صبر على إيراق دمه ولم يستطع ان ينتقم ، ويبقى في بيته يأكل ويشرب ويأتي أهله ، ولكنه إذا جاع سوف يخرج ، سوف يخرج من بيته لا محالة شجاعاً كان أو رخمة ، والله لو فوهة البندق مسلطة على باب بيته سوف يخرج ، حتى لو علم انه سيموت عند أول خطوة عند باب بيته سوف يخرج ..
وحتى لو خرج لدمه وعرضه ودينه ربما لن يخرج معه أحد ، لكن الجوع يجمع الجميع تحت رايته للخروج ..
وقد عاد كثير من المتظاهرين إلى بيوتهم بعد أن جاءتهم نعمة الأكل ، مثل البدون في الكويت وبعض شيعة البحرين رؤوس المظاهريي رجعوا بعد أن اشتراهم النظام ، والأردن عادوا بعد الزيادة التي تزامنت مع خروجهم ، وعُمان هل يعلم أحدكم أن عُمان صار فيها مظاهرات ؟ نعم كان ذلك متزامناً مع ثورة مصر لذلك لم ينتبه أحد ، لكن قابوس ذكي أشبعهم فعادوا ..
إذاً الجوع حسي ومعنوي وليس حسي فقط ...
مثلث اكتمال النِعم : التوحيد والأمن والطعام ، هذا هو مثلث اكتمال النعم قال تعالى ( الذي أطعمهم من جوعٍ وآمنهم من خوف ) أي لم يبق عليكم يا كفار قريش سوى نعمة التوحيد التي أرسل بها نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ، فدّل ذلك على أن نعمة التوحيد مرتبطة بنعمتي الأمن والطعام وخاصة في بلاد الحرمين الشريفين ، وأقول خاصة في بلاد الحرمين لأنها دعوة خليل الله إبراهيم عليه السلام ..
( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آَمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ (35) رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (36) رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ )
( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آَمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آَمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (126) )
فمثلث اكتمال النعم هي التوحيد والأمن والطعام ، والمثلث إذا كُسر أحد أضلاعه تهاوى على بعضه ..
الأجرة " لحسة قدر " :
في مسجدنا لا يكاد يمرّ يوماً إلا ونشاهد أخ أشعث أغبر قادم من اليمن عليه اللئواء ظاهرة ، والبلاء غائرة ، أمرٌ مثل هذا متكرر يجعلك تتسائل ، سألت وقيل لي أن الفقر في اليمن وصل إلى حد أن يعمل أحدهم مقابل أجرة غريبة ربما لم يُسمع بها من قبل وهي " لحسة القدر " يعمل لشخص نجارة .. حدادة ..غسيل بيت .. خدمة للضيوف أي عمل وذلك مقابل " لحسة القدر " !!
يعني حتى صاحب المصلحة ليس لديه نقود لكي يعطيها أجيره فيضطر أن يشغله مقابل " لحسة قدر " !!
السبب :
هناك عدة أسباب أدت إلى هذا الوضع المزري في الأمة ، لعل أهمها : سياسة إدارة بوش الفاشية التي تسببت بتصاعد أسعار السلع كلها، والغلاء الذي اجتاح العالم منذ ذلك الوقت وهو في استمرار ، وكذلك الأنظمة العربية التي تستأثر بحصة أكبر من المال العام ، القربة مايله من جهتها وفي الجهة الأخرى أفواهٌ تبحث عن نقطة ماء واحدة ، والسبب الثالث الشعوب نفسها التي لم تعمل على اكتفاءها الذاتي ، فالصين والهند والبرازيل رغم كثرة سكانها _ هم أكثر سكان الأرض _ورغم فقر هذه الدول إلا أنها تقدمت إقتصادياً بشكل مذهل ، فصار شعبها يعمل في كل شيء ، وحصل عندهم اكتفاء ذاتي من كل شيء ،ولم تعد بحاجة إلى استيراد أي شيء ، بل صارت تصنع كل شيء ، كل شيء تقلده وتصنع مثله ، أي شيء يخطر على بالك ، من ذاكرة إلكترونية إلى صاروخ ، بل إن هذه الدول الثلاث هي السبب في ما حصل للإقتصاد العالمي من نكسات في السنين الأخيرة ، وهي السبب في المشاكل الإقتصادية التي اجتاحت منطقة جنوب اليورو ..
إذاً هذه شعوب رغم أن عددها كبير جداً لكنها لم تجوع ، النظام شغّل الشعب وجعله يُطعم نفسه بنفسه بل ويُصدر للعرب المتهاتفين على الأجهزة الإلكترونية ، ويجلب عملة صعبة مهولة جداً منهم تسببت بزعزعة قوى اقتصادية عظمى وقفت عاجزة عن إيقاف هذه الشعوب المليارية العدد .. والاقتصاد ..
بعكس الشعوب العربية التي كانت خاملة متقاعسة لا تعمل ويرأسها أنظمة فاسدة تعج بالفساد ،فكانت النتيجة أنها خرجت تريد الأكل وتتقاتل عليه ، ثم يدخل على خط ثورتهم الإستغلاليون لاستثمار ثورة جوعهم ، فدخل الإخواني ورفع شعاره معهم ، ودخل الليبرالي ونادى بالحرية حرية العري والخمر وتبادل الزوجات ، ودخل العسكري الذي كان يطمع في كرسي رئيسه ، ودخل الشيعي على نفس الخط ينادي يا علي يا حسين ، ناهيك عن دخول الغرب وإيران أيضاً لاستغلال هذه الأزمة رغم مشاكلهم الداخلية ، وكلهم إتحدوا على رفع شعار ( الشعب يريد إسقاط النظام ) بينما ( الشعب لا يريد سوى أكل الطعام ) ..!!
المراهق الجيعان وحكمة تعلمتها من فتاة عمرها 14 سنة :
نعم تعلمت من طفلة عمرها 14 سنة , أدين لها بالفضل ، ذلك أني كنت في خيمة أبي أقرأ في كمبيوتري الشخصي وكان معي في الجلسة ابن أختي وأخته ( يتيمان ) ، يتجادلان بجواري ، فقالت له : يا مراهق ، قال بغضب : انتي المراهقة ، فضحكت وقالت : تظنها سب وشتم ؟ أصلاً أنت جاهل ما تعرف معنى " مراهق " ، فازادد غضباً وقال : علمينا انتي يا فالحة معنى " مراهق " ، فقالت : " المراهق " يا جاهل هو عمرٌ بين الطفولة واكتمال النضج يكون فيه الإنسان يفعل الأشياء ولا يحسب عواقبها ، يعني باختصار " المراهق " هو الذي ue]لا يفكر في عواقب أفعاله]]
أعلم انها ربما قرأتها في كتاب أو قالتها لها معلمة في المدرسة أو دار التحفيظ ، لكني توقفت متعجباً ، كأني ذلك الذي قال "وجدتها "
نعم .. المراهق هو الذي لا يفكر بعواقب أفعاله .. وسن المراهقة هو بين الخامسة عشر و الخامسة والثلاثون ..
فإذا اجتمع مع " الجوع " ، " مراهقة " فكيف سيكون الوضع برأيكم ؟!
جائع سيخرج من بيته حتى لو الموت عند باب البيت ، وفي نفس الوقت هو مراهق لا يفكر في عواقب أفعاله ؟؟!!!
الجوع عذاب .. لذلك كان من أشد عذاب أعداء الله في الآخرة :
عن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يلقى على أهل النار الجوع فيعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب فيستغيثون بالشراب فيرفع إليهم الحميم بكلاليب الحديد فإذا دنت من وجوههم شوت وجوههم فإذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم فيقولون ادعوا خزنة جهنم فيقولون ألم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال قال فيقولون ادعوا مالكا فيقولون يا مالك ليقض علينا ربك قال فيجيبهم إنكم ماكثون قال الأعمش نبئت أن بين دعائهم وبين إجابة مالك إياهم ألف عام قال فيقولون ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم فيقولون ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون قال فيجيبهم اخسئوا فيها ولا تكلمون قال فعند ذلك يئسوا من كل خير وعند ذلك يأخذون في الزفير والحسرة والويل) الحديث رواه الترمذي .
[size=21]اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك
وتحول عافيتك ، وفجاءة نقمتك ، وجميع سخطك في الدنيا والآخرة ..قل آمين يا عبد الله .
وكتبه محبكم في الله / فليت بن قنه غفر الله له ولوالديه . الأربعاء 19 / 3 /1432هـ
[/size]