الرياض - د. عبد الرحمن نور الدين كلنتن (برنامج الكشف عن الموهوبين ورعايتهم)
إن الاهتمام بالموهوب والمتفوق أمر يحرص عليه الجميع. ويبدو أن رعاية هذه الشريحة من المجتمع لم تأخذ صفة جماعية بعد، وذلك بسبب عدم وضوح مفهومي الموهبة والتفوق، الأمر الذي يتوقف عليه أساليب التعرف والرعاية والأمور المالية والنفسية والاجتماعية. يهتم مجتمعنا بالمتفوق تحصيلياً. فعند صدور نتائج الاختبارات يتهافت الوالدان والأقربون والأبعدون، قبل الطلبة، لمعرفة ترتيب أبنائهم بالفصل أو المعلم قبل أي شيء آخر. فهل الترتيب دليل كافٍ على تفوق الابن؟ هل هذا متفوق؟ يتفاوت معلمو الصف الواحد في تحديد الطالب المتفوق، فبعضهم يكون التفوق لديه في حل الواجبات والمشاركة، والثاني في الحفظ، والثالث في حل الاختبار بشكل صحيح، وماشابه. فهل نعتبر طالبا كان ترتيبه الأول في مادتي الرياضيات والعلوم فقط متفوقا، مع العلم بأنه ليس من الثلاثة الأوائل في العربي؟ وهل نعتبر آخر من الأوائل، لحصوله على المركز الأول في مادة الدين فقط؟ ويجب أن نضع في عين الاعتبار عند تقيمينا للطالب المتفوق أن أسئلة الاختبار في مدرسة قد تختلف عن المدرسة الأخرى، من حيث واضع الأسئلة وسهولتها والتلميحات التي تتخللها، وأمور كثيرة أخرى لا يتسع المقام لذكرها هنا.وبالرجوع إلى تاريخ العظماء من المخترعين والمتفوقين، نلاحظ (مثلاً) توماس أديسون، لم يكمل دراسته نظاماً، بل جاهدت والدته في تعليمه بالمنزل حتى ينال من العلم ما فاته حين رفضت المدرسة تعليمه، وهانحن الآن نعايش اختراعاته ونبني على ذلك حضاراتنا. (هناك أمثلة عربية ومسلمة كثيرة لكن هذا المثال أشد وضوحاً لغرض المقال). وعند المقارنة بين أبنائنا بالمنزل نلاحظ التفاوت في الاهتمامات والقدرات وهم من أم وأب وبيئة أسرية واحدة. سلوك وليس طالب لذلك نجد أننا مرغمون في التعامل مع عوامل تختلف كثيراً عن التحصيل الدراسي. إننا بحاجة إلى التعامل مع السلوك المتفوق وليس الطالب المتفوق أو الموهوب. للحصول على السلوك المتفوق نحتاج إلى: - استعدادات فوق المتوسط، حيث يُبدي الطالب اهتماماً نحو موضوع محدد أو مادة معينة يلاحظها المعلم أو الوالدان أو نتائج الاختبارات. - مهارات وقدرات إبداعية أساسية ومهمة تتناسب وعمر الطالب العقلي والموضوع أو المادة التي يهتم بها الطالب، ولقد أثبتت نتائج الدراسات البحثية والميدانية إمكانية تعلم مهارات الإبداع حين توفر المختص والطالب المهتم -الالتزام بأداء العمل، وهي مهارات يتم إكسابها للطالب حتى يتمكن من إتمام عمله والتغلب على كل عارض قد يحول دون إتمام العمل. عند توافر الأساسيات الثلاثة السابقة يتمكن الطالب بإذن الله من الإتيان بالسلوك المتفوق، وهو سلوك يتمكن الفرد من خلاله تجاوز معضلة معينة لم يتمكن قرناؤه تحت تلك الظروف المكانية والزمانية من حلها. إن اختلاف الفروق الفردية بين البشر، والتي فضّل الله فيها بعضنا على بعض تجعلنا نحرص حرصاً كبيراً على ألا يفقد أي منا هذه الهبة الربانية، وأن نكون ممن يحافظ على اكتشاف هذه الهبة والقدرة وتنميتها؛ لنفوز بخلافة الله سبحانه على هذه الأرض.
منقوووول
عدل سابقا من قبل بسمة امل في الثلاثاء 1 ديسمبر - 20:21 عدل 1 مرات