موهوبون في خطر.
المؤلف: كاثي ديكسون، لورنيس مينز، ماري ديفز.
ترجمة ونشر: دار المعرفة للاستشارات التربوية-الرياض.
تاريخ النشر: 1998م.
عرض وتقديم:د. بشـير العيسـوى
الناشر: جمعية دلتا كابا- الولايات المتحدة الأمريكية.
ناشر النسخة العربية: دار المعرفة للاستشارات التربوية - الرياض
من أشهر الجمعيات الأمريكية في مجال التربية والتعليم جمعية فاي دلتا كابا
Delta Kappa phi، وقد درجت هذه الجمعية على إصدار سلسلة من الكتيبات
التربوية المبسطة في مجال العلوم التربوية والنفسية مع تركيز شديد على نشر
الفكر التربوي العلمي الذي يعتمد على الأبحاث والدراسات والخبرات
الإنسانية. وقد صدر لهذه الجمعية منذ إنشائها في عام 1972م أكثر من
أربعمائة كتيب في المجالات المذكورة.
وقد اتخذت سلسلة الكتيبات اسم فاست باك back-fast، وهو اسم سيارة سبورت
قديمة سريعة لها شعبية لدى الأمريكيين. والكتيب الذي نعرض له بعنوان
«موهوبون وفي خطر» وقد اشترك في تأليفه ثلاثة هم: كاثي ديكسون، لورين مينز
وماري حين ديفز. والكتيب يعرّف الطالب الموهوب ثم ينخرط في كيفية التعرف
عليه وتمييزه. ويطرح ثلاث قوائم مراجعة للمدرسين والمرشدين والآباء كي
يتعرفوا على الطلاب الموهوبين.
إن الطالب الموهوب قد لا يسهل اكتشافه في كثير من المدارس العربية تستوي في
ذلك الحكومية والأهلية منها. ويقدم الكتيب خطوطاً رئيسة تميز بين الطالب
الموهوب وغير الموهوب. فليس الأداء المدرسي أو تحصيل الطالب فقط هو الحكم
في هذا الموضوع. إن عدداً من الاختبارات والفحوص يجب إخضاع الطالب لها حتى
نتعرف على موهبته. كما أنه ليس ضرورياً أن يكون الطلاب الموهوبون في مادة
معينة، أو في نشاط معين، موهوبين في جميع المواد وجميع الأنشطة. ولكن
الموهبة وإن تكن في جزئية دراسية معينة يجب تبنيها وتنميتها وتصعيدها لتعم
الفائدة.
ومن المؤكد أن كثيراً من الطلاب المعاقين تعليمياً أو جسدياً لديهم موهبة
في مادة معينة أو نشاط معين. لكن التقاليد والعادات في كثير من مجتمعاتنا
تحكم عليهم بأن يتقوقعوا داخل أنفسهم، حيث يعتبرهم المجتمع ناقصي الأهلية
التعليمية وناقصي الذكاء، وهذا ظلم وسوء تقدير يحكم به المجتمع على شريحة
من الموهوبين الذين قد يستفيد منهم مجتمعنا. والكتيب يكشف النقاب عن سوء
التقدير هذا -حتى في المجتمع الأمريكي- ويحاول إعادة النظر في وضع المعوقين
وإعطائهم حقوقهم حتى يدفعوا حق المواطنة تماماً مثل المعافين كاملي التمتع
بأعضائهم الجسمانية السليمة. ولسنا في حاجة إلى تعداد الموهوبين من
مفكرينا العرب الأجلاء الذين أصيبوا بعاهات معينة في أجزاء من جسمهم لو
استسلموا لحكم المجتمع عليهم لانزووا في غياهب الظلمات، ويؤكد الكتيب
علىدور الأسرة واجتماع أفرادها دوماً حول مائدة الطعام. ويثبت بالدليل أن
60% من الأسر التي تجتمع حول مائدة الطعام خمس إلى ست مرات أسبوعياً يقل
فيها عدد الأبناء الذين يتجهون إلى المخدرات أو الخمور ومن ثم يرسبون أو
يتسربون دراسياً أو ينقطعون عن الدراسة بالكامل.
ومن نتائج انحراف الطلاب الموهوبين أنهم ينعزلون عن المجتمع أو يغتربون عنه
فيقاطعونه. ومنهم من يفكر في الانتحار أو ينتحر فعلاً. ويبدو أن المؤلفين
نسوا الإشارة إلى أن أعلى معدلات لانتحارالطلاب تشهدها اليابان. حيث إن
الطالب الياباني يعتبر السنة الثالثة في المرحلة الثانوية هي سنة الاستمرار
في الحياة أو الموت الأبدي بالنسبة له. ناهيك عن كارثة الثانوية العامة
التي تعصف بالبيت المصري حيث يتقدم لاختبار الثانوية العامة المصرية
ثلاثمائة وخمسون ألفاً من الطلاب يمثلون العدد نفسه من البيوت المصرية التي
تهتز قواعدها بفعل الفزع والهلع الذي يحدثه ذلك الاختبار الذي يعتبر
مارداً لا عين له ولا قلب.
ويركز الكتاب على كيفية حماية الطلاب الموهوبين -وأيضاً غير الموهوبين- من
الانحراف والإبقاء عليهم بعيدين عن المخدرات والكحوليات التي تعتبر سبباً
مباشراً في هلاكهم، ويضع معايير ثابتة لحمايتهم منها:
أ - أن توضع قوانين تحرم التدخين على القُصَّر.
ب- أن تغلق محلات التجزئة التي تبيع السجائر أو الكحوليات للقُصَّر.
جـ- أن يغرم القُصَّر الذين يضبطون وهم يدخنون أو يتعاطون الكحوليات.
د - أن تفرض غرامة أكبر على الآباء والأمهات الذين يدخلون الخمور والسجائر
إلى منازلهم.
هـ- أن تتعاون وسائل الإعلام ودور العبادة مع كافة أعضاء المجتمع وجمعياته
في سبيل احتضان الطلاب (موهوبين وغير موهوبين) بتقديم الخدمة الترفيهية
والعون المادي والنفسي لهم عند الضرورة حماية لهم من الانحراف.
وقد يرى البعض أن هذه الحلول لا يمكن أن تصدر عن المجتمع الأمريكي، لكنها
الحقيقة. فالكتيب يركز على دور العبادة ويخص الكنيسة في حال المسيحيين، وهو
بالطبع يوصي بدور العبادة الأخرى بالنسبة لبقية الديانات.
ويلفت الكتاب النظر إلى أهمية وجود شخص بالغ أو كبير يتحدث إليه
الطفل/الطالب في سن المراهقة. فهو إذا لم يجد ذلك الشخص بين أقربائه، سنجده
حتماً يتجه إلى واحد من زمرة السوء من قرنائه في المدرسة وبالتالي يقلده
فيما يقدم عليه من عادات سيئة كالتدخين والشرب أو ماشابههما من ممارسات
يستنكرها مجتمع ليبرالي براجماتي كالمجتمع الأمريكي فما بالنا بمجتمع
المسلمين!
إن كثيراً من العادات السيئة المدمرة التي يكتسبها الأولاد بعد سن الثانية
عشرة تكون لها جذور وممارسات قبل ذلك السن الفاصل بين الطفولة والمراهقة.
ويرى المؤلفون أن من يقدم على التدخين في المرحلة الثانوية لا بد أنه جربه
في سن سابق على الثانوية وهكذا في بقية العادات الانحرافية.
يؤكد الكتيب أن كثيراً من المتفوقين في المرحلة الثانوية ليسوا بالتأكيد
متفوقين في المرحلة الجامعية. فهم قد يفشلون في الجامعة وذلك بسبب جو
الحرية المفاجئ الذي يكتشفه الطالب/الطالبة عندما يذهب إلى الجامعة.
إن من المفيد أن يُقتنى الكتيب «موهوبون وفي خطر» في كل بيت يدرس فيه طالب
في المرحلة الثانوية أو الإعدادية، إلا أنه بالتأكيد مطلوب أيضاً لطلابنا
في المرحلة الابتدائية. إننا بحاجة إلى هذه النوعية من الكتب التي تبسط
التربية وعلم النفس وطرائق التدريس. وإذا كانت هناك كتب تبسط العلوم والطب
فها نحن أمام سلسلة تبسط التربية والعلوم المتعلقة بها.
نشر في مجلة (المعرفة) عدد (37) بتاريخ (ربيع الآخر 1419هـ -أغسطس 1998م
منقول